18 سبتمبر 2025

تسجيل

دور متعاظم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في التنمية العربية

21 مايو 2014

تمثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة أهمية كبرى لاقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وذلك بالنظر لدورها المحوري في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بهذه الدول، جنباً إلى جنب مع المشروعات والشركات الضخمة، حيث توفر الآلاف من فرص العمل وتساهم بشكل إيجابي في حل مشكلة البطالة، بالإضافة إلى تعظيم إجمالي الناتج المحلي، بجانب تميزها بكفاءة استخدام رأس المال بالنظر لكون مدير المشروع، في أغلب الأحوال، هو صاحبه، وكذا انخفاض تكلفتها وعدم وجود تعقيدات تذكر في أماكن إقامتها، بالإضافة إلى سهولة تسويق منتجاتها بالأسواق المختلفة.ولا يوجد حتى الآن تعريف عربي موحد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث يختلف التعريف من دولة لأخرى وفقا لدرجة التقدم الاقتصادي ومستوى التنمية بكل دولة من هذه الدول العربية وعدد العاملين بالمشروع ورأس المال المستثمر وحجم وقيمة الإنتاج، مما يصعب من مهمة مؤسسات التمويل العربية التي أنشئت خصيصاً بهدف توفير الاحتياجات التمويلية لهذه المشروعات والشركات بشكل عادل ومتوازن، وفي مقدمة هذه المؤسسات صندوق تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي أنشئ بدولة الكويت تحت مظلة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، برأسمال قدره مليارا دولار أمريكي.وتعد المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمثابة النمط الغالب لمشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا العربية، وهي مسؤولة، إلى حد كبير، عن توفير العديد من فرص العمل ومن ثم مكافحة البطالة والفقر ومساعدة المرأة بشكل عام والمعيلة منها بشكل خاص في مواجهة أعباء الحياة، خاصة في المناطق الريفية والفقيرة.لذا فقد اهتم الكثير من الرؤساء والقادة العرب بهذه المشروعات وقدرتها على خلق العديد من فرص العمل، وتبرع البعض منهم، وفي مقدمتهم أمير الكويت، الذي أعلن عن تبرع بلاده بنصف مليار دولار في افتتاح أعمال القمة الاقتصادية العربية الأولى التي عقدت بمدينة الكويت، بهدف إنشاء صندوق لدعم وتنفيذ عدد من المشروعات بالعديد من الدول العربية، كما تبرعت كذلك المملكة العربية السعودية لدعم ذات الصندوق في القمة العربية الاقتصادية الثالثة التي عقدت بعاصمتها الرياض... كما ألزمت بعض الحكومات العربية نفسها وكذا الهيئات والشركات التابعة لها بشراء %10 من احتياجاتها المختلفة من هذه الشركات والمشروعات، كما حثت بعض هذه الحكومات الشركات الخاصة الكبرى بتدبير احتياجاتها من السلع الوسيطة من هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة بدلاً من استيرادها من الخارج.هذا وتشير بيانات منظمة العمل العربية إلى بلوغ عدد الشباب العاطلين عن العمل في الدول العربية أكثر من 30 مليون شاب تقدر نسبتهم بأكثر من 27% من قوة العمل الراغبة فيه والقادرة عليه، وأن الأمل في خفض هذه النسبة وتوليد فرص العمل الكثيفة والسريعة يتمثل في تشجيع وتيسير إقامة العديد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة ونشر ثقافتها بين الشباب.وتقدر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية باثني عشر مليون منشأة تمثل نحو 95% من منشآت القطاع الخاص، وأن مساهمة هذه الشركات في إجمالي الناتج المحلي العربي تبلغ حوالي %50، كما توظف هذه الشركات حوالي %60 من القوى العاملة... وتؤكد منظمة التعاون على قدرة هذه الشركات في تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة ومكافحة الفقر والعمل على تحسين مستوى المعيشة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي بالدول العربية. وينظر الكثير من الخبراء والمتخصصين إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة على أنها بمثابة حاضنات لمبادرات مشروعات ريادية الأعمال، كما تساهم كذلك في خلق جيل جديد من شباب رجال الأعمال، وتعمل على تطبيق سياسات الإحلال محل الواردات ومن ثم توفر الملايين والمليارات من العملات الأجنبية التي كانت تضيع في عمليات الاستيراد من الخارج، كما أنها تعمل في كثير من الأحيان على تحقيق التكامل فيما بينها من خلال تجمعات صناعية مترابطة، في ظل حاجتها إلى بنية تحتية متواضعة جداً بالمقارنة مع المشروعات الكبرى.وإنني على يقين كامل بأن المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر يمكن أن تلعب خلال العقود المقبلة دورا هاما كقاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في وطننا العربي وأن تساهم بشكل كبير وفعال في زيادة إجمالي الناتج المحلي للعديد من الدول العربية وتزيد من معدلات النمو الاقتصادي، خاصة أن العديد من هذه المشروعات تعمل في إطار الاقتصاد غير الرسمي، ومن ثم فإن الأمر يفرض على الحكومات العربية ضرورة تحويل هذه الشركات للعمل وفق منظومة الاقتصاد الرسمي من خلال توفير عدد من دراسات الجدوى الاقتصادية المتنوعة المجانية للشباب وتمكينهم من الحصول على قروض ميسرة لإقامة مشروعاتهم ومساعدتهم فنياً، وفي تسويق منتجاتهم محلياً وإتاحة الفرصة أمامهم للاشتراك في المعارض الدولية.