14 سبتمبر 2025
تسجيلتناول تقرير خليجي صناعة المدن الذكية في عالمنا، التي باتت مشروعاً طموحاً يسعى اقتصاديون إلى إرساء معالم واضحة له، في ظل زيادة الكوارث البيئية من تلوث وزحام واختناقات، وزيادة سكانية وطفرة صناعية.ففي تقرير إماراتي قدر حجم الفرص التجارية التي ستوفرها المدن الذكية، بنحو 5،5 تريليون درهم من قيمة السوق العالمية خلال السنوات العشر القادمة.ولفت انتباهي حجم المكاسب الاقتصادية التي يحققها قطاع صناعة المعلومات والاتصالات، الممهدة لقيام مدن ذكية تعمل بوصلات كهربائية وإلكترونية، وتعود بالفائدة على بيئات الأعمال من أصحاب أعمال ومبادرين ومؤسسات اقتصادية.وما يثلج الصدر أن الحكومات الخليجية قطعت شوطا في تطبيق الاشتراطات البيئية في المباني، وترشيد استهلاك الطاقة، والتوجه نحو استخدام الطاقة المتجددة، وتقليل المخلفات، وتحسين عناصر البيئة الداخلية في جميع المرافق.فالمدن الذكية من منظور علمي، هي التي بنيت لغرض صناعي أو تجاري أو علمي، بحيث تراعي توفير البيئات الاقتصادية الميسرة والمسهلة لحياة السكان، والخالية بالدرجة الأولى من التلوث والعوادم والضجيج الصناعي، والتي تقوم في كيانها الأساسي على التقنية وشبكات الترابط الإلكترونية. تأخذ المدن الذكية مسميات عدة، أبرزها مدن المعرفة، ومدن رقمية، ومدن إلكترونية أو ذكية، وهي تعتمد في هيكلها الأساسي هدف الوصول لبيئة مثلى من الموارد.والمدن الذكية هي التي تحمل عنوان صديقة البيئة وهذا السبب الأساسي في إنشائها، إذ إنّ خبراء البيئة في المحاضر الدولية يبحثون بشكل مستمر إيجاد آلية تناغمية بين مواكبة الطفرة الاقتصادية، والحفاظ على الموارد الطبيعية التي تشكل تنمية مستدامة، وهذا لن يتأتى دون إجراءات وضوابط رادعة، تقلل من فرص التوسع على حساب تلك البيئات، وتأهيل كوادر دولية تحمل رسالة البيئة المستدامة.وتقدر المؤشرات الاقتصادية الدولية تكلفة إنشاء هذه المدن بأنها مكلفة جداً، ويقدر سوق تكنولوجيا المدن الذكية في العالم بـ"2،1" تريليون دولار بحلول 2020، وقد أنشئت بالفعل في دول عدة.الكثير من دول العالم تسعى إلى التحول التدريجي لمدن ذكية، لتتخلص من الزيادة السكانية والزحام وكثرة الطرق، وقد هيأت دول العالم بالفعل مدناً ذكية في سيئول ونيويورك وطوكيو ودبي وأمستردام وسنغافورة، وهي لا تزال تجربة خاضعة للقبول والرفض.واليوم تسعى دول الخليج لتأسيس بنية تحتية للمدن الذكية، بدلا من تحويل المدن القائمة، لكونها أكثر كلفة مالياً واقتصادياً في حال تحولها، فالمدن الحديثة هي التي تبنى من بداية رؤاها على أسس تكنولوجية.وقد بدأت فعلياً في تأسيس مدن رقمية، ففي دولة قطر هناك مشاريع جزيرة اللؤلؤة ومدينة لوسيل ومدينة الطاقة، وفي المملكة العربية السعودية هناك مشاريع مكة المكرمة، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة هناك مشاريع مدينة مصدر ودبي وغيرها.ورغم ارتفاع موازناتها وحجم العمل والكوادر العاملة في المدن الذكية، إلا أنّ الحكومات الخليجية تسعى إلى إرساء أرضية قوية من الشبكات الإلكترونية، لتسهيل إقامة مشاريع عملاقة، مثل الربط الكهربائي والاتصالات وشبكات الطرق والقطارات والموانئ والمطارات، والتي تقوم جميعها على التقنيات المتطورة جداً.وقد صاحبت الاهتمام بالمدن الذكية، زيادة الطلب على الشبكات السلكية واللاسلكية، وشبكات الاستثمار، وشبكات الألياف البصرية، وأنظمة النقل والشبكات المنزلية، وشبكات الطرق وشبكات الهواتف والألياف.يرى خبراء الاقتصاد أنّ المدن الذكية حل بيئي ناجح رغم ارتفاع الكلفة الإنتاجية، والإستراتيجيات المتعمقة التي تستغرقها المؤسسات في ترسيخها ودراستها لسنوات، وتبقى الأهداف واحدة ولا تختلف من بلد لآخر وهي الاستدامة وتوفير الطاقة والحد من الانبعاثات والاستخدام الأمثل للطاقة.وإذا نظرنا إلى عوائق هذه المدن، فهي ترتبط بمدى تقدم التقنية وتطورها، فإذا تكونت المدن على طراز مطور إلكترونياً، زاد من تكاليف توفير الأمان للشبكات الإلكترونية، وضاعف من عدد الكوادر العاملة، التي لابد أن تكون مهيأة ومؤهلة على إدارة مدن إلكترونية، ولابد أن تكون الموارد البشرية على معرفة وثيقة بالتطور التكنولوجي في العالم وتواكبه.ومن الموضوعات المهمة التي تضعها مؤسسات هذه التقنية أمام عينيها، هي تحقيق الاستدامة في الواقع، والقدرة على المنافسة، والبنية التحتية المتقدمة والملائمة للمعلومات والاتصالات.ففي ظل عدم الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط والصراعات، التي أثرت سلباً على اقتصادات دول المنطقة، فإنّ حلم إقامة مدن ذكية يبقى صعباً رغم كونه مطلباً ملحاً، كما تساير دول التعاون مشروعات المدن الذكية مشروعات أخرى، وهي تحديث البنية التحتية من شبكات طرق وقطارات وموانئ، لكونها الأكثر إلحاحاً في السنوات القادمة، ولأنها تقوم عليها شبكات المدن المطورة.أما الفائدة التجارية التي ستحققها تلك المدن، فستكون شركات الخدمات والاتصالات والتقنيات هي الأوفر حظاً في الاستفادة من الفرص المتاحة فيها، وسيكون لقطاع الاتصالات والمعلومات السبق في مضمار المكاسب التجارية، وسيفتح الباب أمام المكاسب الاستثمارية، لتأخذ مكانها بقوة، لكون تلك المشروعات تقوم بشكل رئيسي على المبادرين وأصحاب الأعمال المتخصصين، وأسواق التكنولوجيا والابتكارات، بما يثري صناعة تلك المدن.