10 سبتمبر 2025
تسجيلهل صادف ومررت بموقف مع صديق أو زميل في العمل، وسألته عن موضوع يخصك لأكثر من مرة وتفاجأت أنه بخل عليك بالرد أو بتقديم المشورة المطلوبة، هذا أمر ليس مستغرباً، فعدم رده لا يعني أن الموضوع الذي يهمك وتتمنى أن تجد من يقدم لك حلولاً فيه أمر مستعصٍ، لا الأمر ليس كذلك بل إن عدم الرد هو رد في حد ذاته وله العديد من التأويلات، أبرزها على الإطلاق "الرفض"، وأحياناً "أنك شخص لم تعد مهماً كما في السابق"، لذا بذل مزيد من الجهد في الرد وبحث المواضيع معك أصبح تكلفاً لا طائل منه. وهذا الأمر ليس مقتصراً على المجال الاجتماعي بل نجده في الوظائف والمراجعات الحكومية، حين تتقدم بطلب للتوظيف أو منحة أو ترقية تجدك تسعى لمقابلة المدير وتقديم طلبك، وحين لا يجيبك في المرة الأولى تتقدم بالطلب مرة ثانية وثالثة، ولكن الأمر الذي لم تدركه أن عدم الرد على طلبك في المرة الأولي هو رد صريح بأن طلبك مرفوض. إن عدم الرد هو نوع من الخجل أو الكياسة الاجتماعية التي يمارسها أغلب الأشخاص، وهي ليس بأمر خطأ، لأن ليس كل الأمور في هذا الكون شديدة الوضوح، فالكون مليء بالرماديات المختلفة، ولا يمكننا أن نطالب الجميع بالوضوح عينه الذي يتلقونه منا، فلكل شخص طريقته في مجابهة متغيرات الأمور، منها أولئك الذين يختارون وضع نقطة في نهاية السطر قبل أن ينتقلوا لمرحلة جديدة، والبعض الآخر يفضل النهايات المفتوحة خوفاً من اكتشاف أن خياراتهم الجديدة أسوأ من القديمة وليتركوا الباب موارباً لعودة مستقبلية. يقال لدينا في المثل الشعبي: "لحبتك عيني ما ظامك الدهر!" كما يقال "المحبوب في راحة"، وكلاهما يشيران إلى أنه حين تكون محبوباً لدى أحدهم يستحيل أن تمر تفاصيل يومك دون التفات، لذا نجد الصديق يتسابق لراحتنا والمحبوب يسعى لرضانا، لكن حين نكون هامشيين فمن الطبيعي أن تتأجل كافة مواضيعنا بداعي الانشغال أو عدم إيجاد وقت ملائم، وهو أمر نفعله مع من قل غلاهم في قلوبنا ونجد الآخرين يمارسونه معنا بين حين وآخر. تقول الدكتورة سمية الناصر في هذا السياق: "حين يتركك أحدهم بمليء إرادته لا تحاول أن تستعيد وده، لأنه في نفس هذه اللحظة التي تحاول أن تستعيد وده يكون هو في عالم ثان لا يرتبط بك بتاتاً"، وعلى قول الشاعر حمد السعيد: "يقولون القمر لا غاب يضويله على ديره.. وأنا أقول الحبيب إن غاب يضويله على خلان"، إن الحياة لم تخلق لنراها من نافذة واحده بل إن الناس كثر ولكن يجب علينا أن نعرف أين وكيف نلتفت لغيرهم، وأحياناً علينا أن ندرك أن بعض المواضيع يجب أن نعالجها لوحدنا دون البحث عن صديق، فنحن نكتمل بذواتنا دون الحاجة لأي طرف ثان. والأمر في طريقة الاستجابة لهذه الرماديات تقع على عاتقنا، إما أن نتقبلها وننتقل لمرحلة جديدة دون أبواب أو نوافذ مواربة أو أن نبقى في مناطقهم الرمادية. يقول محمد المقحم: "والله ما أضحى وأضيع طاقتي وتعبي إلا على واحد طيب وطايل شبر محن بنبغيه بالأخلاق كنه نبي نبيه ليا جا على جسر العبور يعبر" [email protected] @shaikhahamadq