04 أكتوبر 2025
تسجيليبدو أن روسيا ما زالت تتمسك بضبط النفس، الذي عادة ما يمتاز به الروس، الذين يفضلون الرد بدبلوماسية تبدو جارحة أكثر مما لو قاموا بفعل يمكن أن يقطع شعرة معاوية التي تربطهم بالآخرين، لا سيما إن كان الطرف الآخر هو الولايات المتحدة الأمريكية العدو الصديق الذي يرتبط مع موسكو بحرب باردة حينا وساخنة أحيانا أخرى، لا تتعدى التصريحات والاتهامات الصريحة والمتبادلة، بحسب ما تصل بهم ظروف العلاقات الثنائية بينهما، ولكن على ما يبدو فإن جو بايدن والذي تولى حكم أمريكا بعد رحلة انتخابات محمومة قد بدأ هجوما صريحا على نظيره الروسي فلاديمير بوتين حينما وصفه وصفا يمكن أن يقال إنه لا يجوز لرئيس دولة أن يقوله، كما علق بهذا الرئيس التركي أردوغان بعد صلاة الجمعة الماضية في إسطنبول، حينما قال عن بوتين إنه (قاتل) في مقابلة تلفزيونية مع قناة ABC وجه المذيع الأمريكي الشهير جورج ستيفانوبولوس سؤالا مباشرا لبايدن إن كان يعتقد بأن الرئيس الروسي قاتل؟! فأجابه بايدن (نعم أعتقد ذلك)، دون أن يتم توضيح القاعدة التي انطلق منها هذا السؤال المباشر من قبل المذيع، وعلى أي أساس كانت إجابة بايدن السريعة، والذي لم يكتف بوصفه هذا بل توعد روسيا بمعاقبتها نظير تدخلاتها المباشرة في الانتخابات الأمريكية عامي 2016 و2020 وهو ما تنفيه موسكو جملة وتفصيلا وبصورة متكررة لكنها أمام هذا الوصف القاسي من قبل الرئاسة الأمريكية لم يقف الكرملين موقف المتفرج المسالم، فقد استدعت الخارجية الروسية سفيرها في واشنطن لمناقشة الخطوات القادمة في العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، بينما اكتفى بوتين بإجابة وصفها المراقبون بالذكية، حينما علق على اتهام نظيره الأمريكي له بأنه قاتل بجمل قصيرة (القاتل من يصف الآخر بذلك ودائما ما نرى مواصفاتنا في شخص آخر ونعتقد أنه مثلنا)، لكنه أشار في نفس الوقت إلى رغبته في إزالة كل ما يعوق الوصول إلى علاقات مثالية يجب أن تكون بين بلده وأمريكا، في حين أضاف ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن تصريحات المسؤولين الأمريكيين سيئة ولا يبدو أنهم يريدون تحسين علاقات البلدين الثنائية. ورغم أن الحرب الباردة قد بدأت في عام 1947 بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والتي تمثل جزءا مقتطعا مما كان يسمى بالاتحاد السوفييتي وانتهت عام 1991 إلا أن هذا التاريخ من حرب الصراع والتوتر والتصريحات المتبادلة التي تنم عن سوء فهم دائم بين البلدين لم يقف الزمن عنده فقد عمد ترامب على وجه الخصوص إلى إشعال فتيل هذه الحرب بتصريحاته التي كانت تطال موسكو تحديدا بعبارات كان يواجهها بوتين بسخرية مطلقة، ولكن الاتهامات التي تلاحق الدولة الروسية بتدخلها المباشر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي تهم مدموغة بالحقائق والأدلة لدى الجانب الأمريكي بينما تنفي موسكو هذه الاتهامات بصورة قاطعة، وتنكر أن لها دورا في أمر يعد شأنا داخليا أمريكيا، ومع هذا يحتفظ البلدان بعلاقات شبه كاملة بينهما رغم كل هذا التوتر المتصاعد بينهما ورفض واشنطن الرد على روسيا بالمثل واستدعاء سفيرها من موسكو كما فعلت الأخيرة، بعد تصريحات بايدن ورأيه في بوتين ردا على سؤال يعد ملغوما من قبل القناة الأمريكية ذلك أن واشنطن ومثلها موسكو تعلمان بأن نشوء حرب تتجاوز سقف التصريحات والتلميحات والاتهامات الشفوية يمكن أن يبعثر خريطة العالم ككل وأن ضبط النفس الذي يمتاز به كل طرف منهما هو السبيل الأنجع لإبقاء صمام الأمان على مستواه الأخضر الذي يرجوه الجميع لكن - ولا يبدو ما سوف يتبع حرف الاستدراك هذا مطمئنا – ماذا لو فقد أحدهما أعصابه أو تمادى طرف في استفزاز الطرف الآخر؟!. لا تبدو الإجابة سهلة كما لا يجب أيضا أن نتوقع سهولتها على العالم بأسره، لأن الأمر سوف يكون قد تشقلب رأسا على عقب ولا يُحسن إصلاحه إلا من أساء صلاحه!. نسأل الله السلامة! @[email protected] @ebtesam777