17 سبتمبر 2025

تسجيل

إخوان الشياطين

21 مارس 2014

لقد تعودنا على أنماط شاذة من السلوك الفردي لبعض الشخصيات التي تعاني من "الوسواس السياسي القهري"، لعل أشهرها التدخل غير المبرر بشؤون الآخرين والتدخل المدفوع بالغيرة الذي يفاقم المشكلة ويزيد من ضخ الكراهية والتأليب ضد بلد أو شعب شقيق، لأن كثيرا من العرب باختصار يحبون أن يروا مآسي الغير، وأن يظهروا للآخرين حزنهم ومواساتهم لهم، أكثر مما يحبون إظهار إعجابهم بهم أو فرحهم لإنجازاتهم أو حظوظهم الطيبة وقفزات دولهم وشعوبهم نحو العالمية والرقّي والرفاه، وللأسف أصبح التدخل المدمر من الأشقاء والجيران والأقربين سلوكا ممنهجا لدى فئة تخلخل أوتاد البيت الوطني عبر رفع شعارات زائفة. لذلك نرى أن قرارا لدولة عربية ما يصدر لسبب أو لآخر، تجد أن هناك هبات من الرأي العام متضادة تعصف بمجتمع الدولة الواحدة، وكل فريق بما يقررون فرحين، ومن بين ملايين العرب الطيبين يخرج لك شياطين الأنس الذين تحفل بهم منابر الفضائيات أو "تخزنهم" الصحف الباردة في مراتع لندن "للجهاد" ضد الشرف والحرية، هؤلاء للأسف يجدون كعادتهم الرعاية المالية الكاملة من فتات ما يتركه أغنياء المسؤولين العرب على طاولات الفنادق الفخمة، ومن الطبيعي أن يتحول كاتب صحفي إلى كلب ينبح معك أو عليك بناء على مصدر استرزاقه، ويكتب ليحرض الأطراف على أساس أنه يمتلك المعلومة الكاملة التي لا تمتلكها أجهزة الاستخبارات، ما يؤدي إلى تدمير أي أمل في صفاء الأمور بين الأطراف.تقول الحكاية المختلقة إن إبليس وشياطينه طفقوا في أنحاء بلاد الله يوسوسون للعباد ويوغرون صدور الناس، ويغرون ضعاف النفوس بالخطيئة ويحرضون الأخ على أخيه، وفي إحدى القرى قرر إبليس أن يأخذ استراحة هو وجماعته، ويحتسب تلك الليلة عند الله تعالى، فجمع شياطينه وقال لهم: لقد قررت أن ندع هذه القرية وأهلها الليلة وشأنهم ولا نزرع بينهم أي فتنة، فالتزموا بالأمر جميعكم، ولنذهب للنوم، فقد جاء الغروب.فذهب كل واحد من الأبالسة ليبحث له عن مكان لينام فيه، وكان أصغرهم قد اختار النوم في زاوية لبيت من الطين لأحد الفلاحين، فسمع الرجل ينهر زوجته، ويقول لها إن جاره لاسنه اليوم لأن بقرتهم دخلت بستان الجار، فاحتد النقاش بين الزوجين، بعد أن أقسمت الزوجة أنها غرست وتد حبل البقرة حتى حلقته في الأرض ولن تستطيع البقرة أن تفلت حبلها منه، فختم الزوج الحديث بالقول: أقسم بالله إذا أفلتت البقرة ودخلت بستان الجار مرة أخرى لأرمين الطلاق بيننا ولا رجعة فيه، ثم خلدا إلى النوم.بعد كل هذا الخلاف بين الشريكين والاتفاق المشروط بين العائلة الواحدة، هل يظن أحد أن الشيطان الصغير يهدأ له بال؟ طبعا لا، فقد أخذ يفكر في قرار كبير الشياطين وتحذيره من الوسوسة لأهل القرية تلك الليلة، ثم يفكر بالفرصة التي جاءته على طبق من ذهب للإيقاع بهذه العائلة، فخطرت له فكرة شيطانية، حيث قام من فوره إلى مكان البقرة المربوطة، فاقترب من الوتد وخلخله، وتركه في مكانه لم يقتلعه، وعاد لينام نوما هانئا، ولم يستيقظ إلا على صوت الرجل صباحا وهو يصرخ على زوجته ويرمي عليها الطلاق بالثلاثة، والزوجة تولول، فالبقرة أفلتت ودخلت بستان الجار، وتدمرت الأسرة، لأن طرفا فيها لم يتحمل هو أيضا مسؤوليته المشتركة مع الطرف الثاني، ولم يستعذ بالله من الشيطان الرجيمهنا عرف إبليس أن أحدهم قام بعمله دون علمه، فجمعهم وقال: من أفلت هذه البقرة من مربطها، فنهض الصغير وقال: أنا لم أفلت البقرة ولم أقتلع الوتد، ولكن كنت "ألعب على الوتد" وخلخلته فقط، والله لم أفلت حبل البقرة، هي التي ركبت رأسها وشدت الحبل من مربطها وذهبت للبستان، والرجل هو من طلق زوجته ولم أقترب منهما.انتهت حكاية الشيطان الصغير وأكابره، فهو لم يخلع الوتد، بل خلخل أركان الأرض المغروس فيه ذلك الطنب، وهذا ما يفعله الأذكياء الخبثاء، لا يوزعون أسلحة بين الإخوة ليتقاتلوا، بل يفعلون شيئا غير ضروري لطرف يغيظ طرفا آخر ويوغر صدره عليه، ولن يضطر ليكون طرفا في الجريمة، سياسية كانت أم اقتصادية أو اجتماعية، ففعل صغير قد يحتقره أي منا، يكون كافيا ليقتل طرف طرفا آخر أو يدمر بلدا بأكمله، ولا تجد من يستطيع أن يفهم ما الذي جرى وكيف ولماذا، فتلك ألاعيب شياطين السياسة المستوردة التي تفتك بمجتمعنا العربي وتبدد ثرواته وتخلخل أركانه، وتشتت شمل مجتمعه، وتنفذ الرغبات الخارجية لإضعاف هذا الوطن العربي خدمة لأعدائنا دون عناء منهم.هذا وأكبر من هذا يحدث حتى يرضي إخوان الشياطين نزواتهم، ورغباتهم في أن يموت الجمل حتى يشبع ثعلب، من أمثال ضاحي خلفان الذي لم يسعفه غروره ليقبض على قتلة القيادي محمود المبحوح في عقر دار خلفان، وحتى يشبع " الكاذب الصحفي" الكبير في لندن ورفاقه من شياطين طاولات الليل وآخره، ويساهم جميعهم في قتل الروح المعنوية لكل من يحلم بالتحرر من عبودية التبعية للقرار الإسرائيلي وجماعات الضغط الصهيونية التي تريد قتل الإسلام السياسي في العالم العربي خدمة للمشروع الصهيوني وحلم الدولة اليهودية القوية على أرض فلسطين، وتحويل دول جوارها إلى عبيد في خدمة هذا المشروع.