02 أكتوبر 2025
تسجيلاحتفال جديد ذلك الذي مر على العالم يوم امس بمناسبة اليوم العالمي للسعادة وهو ما اقرته الامم المتحدة ليكون في اليوم العشرين من مارس كل عام اعتبارا من هذا العام وجاء هذا الإقرار بعد مطالبات ناشطين ومبادرة دولة بوتان في تقديم طلبٍ للمجلس لاعتماد هذا اليوم بشكل رسمي.. ويأتي اعتماد يوم للسعادة من قبل دول العالم عترافًا بأهمية السعي لتحقيق السعادة أثناء تحديد أطر السياسة العامة، وضرورة اتباع نهج أكثر شمولاً وإنصافًا وتوازنًا تجاه النمو الاقتصادي في سبيل تحقيق التنمية المستدامة وتوفير الرفاه لجميع الشعوب. لم تمر المناسبة لدينا في قطر مرور الكرام بل تصدى لها جهاز الإحصاء فرصد أهمّ البيانات والمؤشّرات التي تُؤكّد مدى السعادة والرضا التي يشعر بها كل من يعيش على أرض قطر، حيث أظهرت نتائج المسح العنقودي، الذي نُفّذ في قطر خلال العام الماضي وشمل أكثر من 5 آلاف أسرة قطرية وغير قطرية، أن 96.8 في المئة من السكان في الدولة يشعرون أن حياتهم سعيدة جدًّا.. واكثر من 3 بالمائة يعتبرون في عرفنا نحن المتابعين للبحث غير سعيدين. بعيدا عن الارقام اللوغارتماتية التي كشف عنها جهاز الاحصاء في بحثه الدقيق والجاد فان تلك الارقام بحد ذاتها لا تعطي مؤشرا دقيقا لنسبة السعادة في مجتمع لاتزال عجلة التنمية تواجه بتحديات نتيجة السباق المحموم لانجاز ما يمكن انجازه لتجاوز لمرحلة ولا يزال الناس هنا يعيشون في حالة استنفار عام نتيجة السرعة الفائقة لانشاء واعادة البنية التحتية على مستوى الدولة وهو ما ينتج عنه من عدم سعادة ومضايقات ومنغصات تواجه الاسر منذ الصباح وحتى المساء في مرواحهم وعودتهم الى منازلهم منهكين متعبين من شدة المواجهات المزعجة في الطرق وفي المدارس وفي المصالح الحكومية وفي المستشفيات وفي مناحي الحياة الاخرى فأي سعادة تلك التي بنى عليها البحث الجاد عن الاسر في المحتمع القطري. اليوم العالمي للسعادة بادرت بفكرته دولة بوتان وهي التي خطّت منهجاً تنموياً غير مسبوق، ربما كان وقته أقرب للحلم منه للمنطق، وللفلسفة منه للاقتصاد، عندما ابتكرت هذه الدولة الصغيرة مصطلح "إجمالي السعادة القومية" كان ذلك في عام 1971 في عهد جيجمي وانجتشوك، الملك الرابع لمملكة بوتان، الذي قال: «إن إجمالي السعادة القومية أهم من إجمالي الدخل القومي»، هذا التوجه تبلور في خططٍ خمسية لتوفير كل ما يجعل المواطن سعيداً. وحسب خصائص الخلفية المعلوماتيّة، يبدو أن هذه النسب لا تختلف كثيرًا حسب فئات العمر جملة في قطر وتفصيلاً بين الأسر المعيشيّة القطريّة وغير القطريّة، بيْد أنها تتغيّر حسب المستوى التعليمي، إذ تبلغ أدناها لدى غير المتعلمين والمتعلمات، وتزداد مع ارتفاع المستوى التعليمي. ولضمان تطبيق هذه الفلسفة التنموية اعتمدت مؤشرات سبعة لقياس تحقيق الأهداف؛ وهي الرفاه الاقتصادي والبيئي والصحي والنفسي والاجتماعي والسياسي وبيئة العمل. نالت هذه الفلسفة الإعجاب، وأثبتت بوتان أن هذا التوجه أدى بدوره إلى ارتفاع مستوى الدخل القومي. لنحتفل العام القادم باليوم العالمي للسعادة ونحن في منتهى السعادة حين نرى الانجازات في بلادنا تتنامى سنة بعد سنة لنصل الى الهدف المنشود ونرسم السعادة في عيون اطفالنا حين تتحدث حكومتنا الرشيدة بكافة مؤسساتها عما أنجزته خلال السنة من وسائل لإسعاد المواطن، كالتعليم المطوّر، والطرقات الخالية من الازدحام، والسكن الميسّر، والمعيشة غير المكلفة، والعمل المتوافر وأمّا الشعب فاحتفاله يكون بالاستمتاع بالحياة ومباهجها وتجاهل أعداء السعادة.