18 سبتمبر 2025

تسجيل

أمي ! وحشتينى يا أمي

21 مارس 2013

كثيرة هي الكلمات والأشعار التي قيلت عن الأم.. وكثيرة جدا تلك الكتب التي صدرت والمقالات التى كتبت خاصة فى المناسبات الجميلة مثل عيد الأم.. وكذلك أذيع العديد من برامج الفضائيات بل وأنتجت الأفلام السينمائية التي تتناول فضل الأم.. وكل هذا جميل وأتفق معه ولا أخالف فيه حرفا واحدا.. ولا أظن إنسانا راجح العقل يمكن أن ينكر فضل أمه عليه من حملها له تسعة أشهر وهنا على وهن.. وإرضاعها إياه.. ورعايتها له وسهرها إلى جواره تحرسه من كل مكروه وتمرضه إذا ألم به عارض.. وما تزال تتعهده بالرعاية وتحوطه بالحنان وهو يشب عن الطوق حتى يكبر وحتى بعد أن يتزوج وينجب.. باختصار إن الأم تظل تحمل همه حتى آخر يوم فى عمرها.. أو أقرب الأجلين. هذا عن الأم العادية.. نعم العادية.. أى أم تفعل هذا وأكثر.. فهل هناك أم غير عادية.. نعم.. كثيرة هى تلك القصص التى نسمعها عن تضحيات الأمهات ومن تتوجهن الإحتفاليات أمهات مثاليات فى عيد الأم ولكن الأكثر منها هى القصص التى لم نسمع عنها ولكننا نحسها ونلمسها فى كل وقت من أمهات لا يأكلن حتى يشبع أطفالهن وقد لا يأكلن من الأساس لو كان الطعام غير كاف بشرط ألا يلاحظ أطفالهن ذلك.. ولو أننا شرعنا فى ضرب الأمثلة على ذلك ما كفانا الوقت إلى يوم القيامة . ولعلى أكتب ذلك الآن لأن أمى – التى توفاها الله من سنوات طويلة – قد أوحشتنى وكلما ضاقت بى الدنيا شعرت بحاجتى إليها أكثر.. شعرت بأن لا شئ يعوضنى عنها مهما كبرت ومهما أنجبت من أولاد ومهما صار لى من أحفاد.. أظل أنا – بالرغم من تقدمى فى السن - ذلك الولد الصغير الذى يحتاج دوما لحضن أمه ويشتاق لحنانها.. ويتمنى لو تعود الأيام ولو لساعة واحدة لأقبل الأرض تحت أقدامها. وهنا قد يقول قائل.. كلنا ذلك الشخص.. فما الجديد.. وبدورى أقول لهم أن الجديد هو أننى تذكرت اليوم – وبلا مقدمات – قصة قرأتها وأنا طفل صغير فى الثامنة من عمرى.. لا أذكر اسم كاتبها ولكننى لازلت أذكرها حتى يومنا هذا.. وملخصها أنه فى إحدى المناسبات أقامت إحدى الأسر حفلا كبيرا في منزلهم الكبير.. وضم الحفل عددا كبيرا من الناس وتطلب الأمر مجهودا خارقا في الإعداد والإشراف على كل شيء.. ومن البديهى أن يكون الجزء الأكبر في هذا من نصيب الزوجة التي كانت في نفس الوقت أما لطفل في الرابعة من العمر. وبعد أن استقبلت الأم ضيوف الحفل مع زوجها واطمأنت على أن كل شيء على ما يرام شعرت بآلام صداع رهيبة كادت تفتك برأسها من المجهود الخرافي الذي بذلته وقلة النوم وصوت الموسيقى العالي الذي كان يملأ جنبات المنزل.. حاولت الزوجة تجاهل آلام الصداع ولكنه كان فوق طاقة احتمالها.. وفى نفس الوقت كانت تذهب إلى غرفة طفلها لتطمئن عليه حيث كان نائما.. فكرت في أن ترقد إلى جواره لبضع دقائق إلتماسا لبعض الراحة لجسدها المكدود.. غلبها النوم فنامت.. نامت بالرغم من أصوات الضيوف العالية وضحكاتهم.. ودوى الموسيقى الهادر.. نامت ولم تشعر بكل شيء رغم كل هذا.. وبعد دقائق صحت الأم من نومها على صوت صغيرها الذي كان يقول بصوت خفيض تاه في ضوضاء الحفل : -أمي.. أشرب. قامت الأم على صوت الصغير لتسقيه.. فما الذي أيقظها ؟ إنه قلب الأم . هذا هو ملخص القصة التي أعجبتني عندما قرأتها صغيرا ولا زالت تطفو على سطح ذاكرتي من وقت لآخر.. فهل أعجبتكم ؟ أرجو ذلك.. ولتكن هديتي لأحبابي القراء في عيد الأم. وإلى اللقاء في مقال جديد بحول الله.