12 سبتمبر 2025

تسجيل

أن تجعل الأشياء تحدث

21 فبراير 2024

يقول أحدهم أوصيت السائق ذات ليلة أن يذهب في الصباح الباكر إلى الدكان القريب لشراء الخبز وبعض الحاجات، ثم إذا رجع أن يقوم بتنظيف السيارة حيث إن لديّ موعدا مهما، وفي الصباح سألت زوجتي عن الفطور فقالت لا يوجد خبز، فانطلقت إلى غرفة السائق اطرق عليه الباب وأنا أقول لماذا لم تأت بالحاجات من الدكان؟ فرد علي من خلف الباب بصوت مثقل بالنوم قائلًا: «أنت لم تعطني مالًا البارحة ياسيدي»، فقلت له «لكنك لم تقل لي بالأمس أن ليس لديك ما يكفي من المال؟، ثم التفت إلى سيارتي وإذا بها كما كانت يعلوها التراب مع أن تنظيفها لا يحتاج المال، وفي خضم ذلك الموقف، وبينما أنا واقف ببابه ينتابني شعورٌ بالغضب، أفكر كيف أعاقبه على كذبه وإهماله، إذا بي اسمع شخيره من خلف الباب، من الواضح أنه فضل النوم على القيام بمسؤولياته ثم ساق الأعذار الضعيفة حتى يكمل نومه. وهكذا الحياة تجد فيها من يبحث عن حل للتحديات التي يواجهها في سبيل إنجاز مسؤولياته، وتجد من يبحث عن عذر لتبرير تقصيره والتنصل من مسؤولياته عند أول تحد يصادفه، وهنا يبرز الأشخاص الذين يصنعون الفارق في أي مكان تطأ فيه اقدامهم، يقرأون المشهد ويحللون أبعاده، ويدركون مكامن الفرص فيه ويعرفون مخاطره وتحدياته، ثم ينظرون بما في ايديهم من موارد وامكانات ويسخرون كل ذلك لتحقيق الاستفادة القصوى في اطار فن الممكن، فإما أن يجنوا الأرباح أو يقللوا الخسائر. وفي هذا السياق يقول رائد الفضاء السابق ومؤلف كتاب «القمر المفقود» جيمس لوفل : «هناك أشخاص يجعلون الأشياء تحدث، وهناك أشخاص يشاهدون الأشياء تحدث، وهناك أشخاص يتساءلون عما يحدث، ولكي تكون ناجحًا عليك أن تكون شخصًا يجعل الأمور تحدث». وقد واجهت في مسيرتي العملية انماطا متعددة من شخصيات الموظفين عبر بيئات العمل في القطاعات المختلفة التي عملت فيها، واستطيع القول بأن الموظف إما أن يكون جزءا من الحل بأفكاره وإبداعاته وجديته ومثابرته، وإما أن يكون جزءا من المشكلة بإهماله وعدم تعاونه مع زملائه ثم يبحث عن شماعة لتبرير فشله وتقصيره. وفي الختام أقول إن ما نزرعه اليوم سنجنيه في الغد لا محالة.