11 سبتمبر 2025
تسجيلفي تقرير نشرته "بي بي سي نيوز" مؤخراً عن التأثير الذي تركهُ كوفيد - 19 في حياة الشباب بالصين وإعادة التفكير في الأولويات، يقول "جيف" وهو مطوّر تطبيقات كان يكسبُ أجراً عالياً لكنه قرر الاستقالة من وظيفته: "إنني مستمر في التخلص من الطاقة السلبية في حياتي، أعتقد أن عام 2022 سيكون أفضل من عام 2021، لكنني ما زلت أشعر بأنني لا أريد أن أفعل أي شيء"، ما قاله جيف سمعناه قبل جائحة كوفيد ولكن فكرة إعادة ترتيب الأولويات في حياتنا برزت بعد هذه الجائحة، فالشباب بات أقلّ حماساً لما يُسمى بـ"الوظيفة"، وهذا ما شكّل محطّ اهتمام علماء النفس والاجتماع والمهنيين المتخصصين، خصوصاً مع استقالة شخص واحد من بين أربعة أشخاص من وظيفتهم في سوق العمل الأمريكي على سبيل المثال، فكُتبت مئات المقالات المهنية، وتم رصد الأسباب ومناقشتها في مساعٍ لاحتواء هذه المرحلة الانتقالية. في المقابل، ما تزال شجاعة الاستقالة مفقودة في وطننا العربيّ، لأن الفجوة بين الباحثين والعلماء والأطباء النفسيين والخبراء المهنيين وبين الناس موجودة، وإذا فكّر أحدهم بترك وظيفته، ستنهال عليه التعليقات الأُسرية وربّما الاجتماعية باللوم، وتوجيه التأنيب وأحياناً تُوضع الوظيفة في كفّة وبرّ الوالدين بكفّة، وبالتالي سيُعاد تدجين "هذا الشجاع" من جديد، لينضمّ إلى معسكر بصمة الدخول والخروج. ومن أين تأتي الشجاعة في سوق التجارة البيروقراطيّ الذي يُديره أهل المال والأعمال وإخوانهم في السياسة بالسوق العربية. بعض الشبّان العرب ما زالوا يتباهون بضرب زوجاتهنّ ولو في الطرقات، فذنب ابن العمّ مغفور لأنه يحبّ بنت العمّ منذ الصغر، ولأنه الحافظ الأمين على استمرار الجينات الأسرية على غرار "لويس الرابع عشر"، الزوجة تلّقت الصفعات بحبّ وظهرت على الكاميرا بابتسامتها المصفوعة بعد التصالح، أمّا من صوّرت الفيديو فقد تم تهديدها لأنها تدخّلت بين الزوج والزوجة "أولاد العمّ". أولاد العمّ في لبنان يُلقون اللوم على الدول العربية لأنها تفرض "حصاراً عربياً" على لبنان، هذا ما صرّح به رئيس مجلس النواب اللبناني لصحيفة الأهرام المصرية على هامش مشاركته في "مؤتمر البرلمانات العربية" بالقاهرة، وهذا ما نحن بارعون به، توجيه أصابع اللوم إلى الآخرين، 35 عامًا لم تكفينا من نهب أرواح المحرومين، وودائعهم، ومُصادرة مستقبل الشباب، ودفنه في حروب وصراعات طائفية مقيتة، ولكننا "أساتذة" في إلقاء اللوم على الآخرين، الآخرون الذين بعنا لهم أحلامنا مقابل السلطة والمال في سوق القضية. المال وسيلة أيقنت السلطات البلجيكية أنها ليست أهمّ من رفاه مواطنيها، مع إقرارها العمل 4 أيام فقط في الأسبوع "لمنح الناس مزيداً من الحرية في حياتهم" على أن يتمتع الموظفون بالحق القانوني لقطع الاتصال عن العمل في نهاية كلّ يوم عمل في مواكبة منها لتغيرات سوق العمل.. اللهمّ "بلجكنا" و"بلجك" سوق عملنا!. كذلك اللهم نسألك الشفاء العاجل للملكة إليزابيث الثانية - فقد أعلن قصر باكنغهام- إصابتها بفيروس كورونا.. خلال الجرعة الأولى من لقاح كوفيد-19 شاركنا الرؤساء والزعماء "زنودهم" لطمأنتنا، وعند الجرعة الثالثة التي أنهكتنا.. لم نسمع لهم حِسًا. على خطّ مواز حسّ التفاؤل الإيراني عالٍ بالتوصل إلى اتفاق نووي في المفاوضات الجارية في النمسا، ليالي الأنس في فيينا والطائرات المسيرة والحربية فوق رؤوسنا في المنطقة، وسوق السلاح يزدهر. من جهة أخرى، سوق الدولار يشحّ في المنطقة العربية، الغنّي يُدرك ذلك والفقير أيضًا، إلا أن خبراء الاقتصاد ممتنعون عن التصريحات الإعلامية.. لأن المعركة مع الدولار بدّها "ابن سوق".. وابن السوق خائف على الوظيفة.