13 سبتمبر 2025

تسجيل

دراســـة تعيســـة !

21 فبراير 2019

حينما فكرنا مرة بتغيير أنفسنا أقلنا حكومة وشكلنا أخرى دون أن يجرؤ أحدنا على المساس بالكراسي الحاكمة التي تلعب بنا مثل بيادق الشطرنج تطيح بالجنود تباعاً ووحده الملك يقف شامخاً بينهم..وحدها (تونس الوديعة) في ليلة وضحاها قررت أن تكون ذئباً يتصيد الملوك فأطاحت بالملك مهدور الدم والكرامة ليلحقه وزيره الذي أعلن آنذاك استقالته أيضاً معلناً وهو يرتشف قطرات من الماء البارد لعلها تسهل عليه مصيبته أن تنحيه عن رئاسة الحكومة المؤقتة كان تقف وراءها ضغوطات كبيرة ورغبة أكبر في حقن دماء التونسيين لتتوالى الثورات بعد ذلك في مصر ثانية وأدت إلى اندحار وانحسار نظام حسني مبارك ولتقام الأفراح والليالي الملاح في شوارع ومدن ومحافظات مصر المحروسة وفي ليبيا كان الشكل المأساوي الذي شهدناه على يد الراحل القذافي والذي ظن أن شعبه عبيد لمزاجه الذي كان معروفا بهوسه بعظمة الشهرة والمناصب. وتزامنت ثورة طرابلس التي لا تزال تبعاتها الدموية تتواصل في ليبيا مع ما سميت بثورة في اليمن ووصلت إلى ما وصلت له الآن وفوضى في البحرين بالشكل الذي شهدناه ونتذكره فيما عدا سوريا التي تحولت ثورتها إلى حرب شوارع وعصابات ومصالح دول، واختلط فيها الحابل بالنابل لاسيما مع سقوط أكثر من مليون قتيل وتشريد الملايين الأخرى، هو ما يؤجج المشاعر ويكمد الأفئدة حزناً وشبيهات لها خرجت على استحياء في الأردن والجزائر وعُمان والعراق باعتبار أن الأخيرة من الأساس تموج بالثورات المنددة منذ احتلالها، ولا فرق بين سقوط حكومة وتشكيل أخرى!... نعم.. هذا هو وطننا العربي الكبير..اشتعل ويشتعل من محيطه الواسع إلى خليجه الصغير والعالم الغربي يرى بعين المتفرج الذي يتسلى وبنظرة الطامع الذي يتمنى ونحن من علينا أن نؤيد أو نرفض وبعين من يبحث لنا على حل أيضاً !..أن ننضم للثورات أو ندعو لإخمادها..قلتها بالأمس وأقولها اليوم رحم هذه الأمة لا يتحمل تكرار الولادات العسيرة التي نشهدها اليوم على شعور صريح منا بأن زمن الصحوة قد أتى وزمن الغيبوبة قد ولى وأخشى من يوم تتعود هذه الشعوب على الانتفاضة فلا تعود تميز في حكامها الصالح منهم والطالح لمجرد أن (يسقط النظام) وتُستنسخ الثورات وسجل يا تاريخ!!..أخشى أن يرى أعداؤنا فينا القنوات السرية لقلقلة الأمن في بيوتنا وعلى أراضينا كما تفعل واشنطن اليوم بحسب مصالحها كما فعلت في ثورة ليبيا التي ظل أوباما آنذاك صامتاً حتى اليوم الثامن من وقوع المجازر القذافية ليعلن بأن لجنة من البيت الأبيض ستعمل على إمداد الرئيس بكل أحداث طرابلس وبنغازي ليكون رده بعد سقوط الآلاف من الأبرياء أنه يحترم خيار الشعب الليبي في تحديد مصيره، وساعدت أمريكا على إقرار عقوبات صارمة بحق القذافي وأبنائه آنذاك، واليوم يراوغ ترامب في خطته المرتقبة لتطويق بشار وحكومته واستجلاب الأسباب والأعذار ربما لشن قوة حربية على سوريا وإسقاط آلاف أخرى من أبناء الشعب المهدور دمه وعرضه وأرضه، والسؤال هنا يكبر ويكبر ما الذي تريده أمريكا من ثورات الشعوب والنقمة على أصدقاء الأمس كما كان الحال مع حسني مبارك، الذي ظل مخلصاً وحارساً أميناً للوجود الإسرائيلي في قلب الأمة العربية، وعلى حساب الشعب الفلسطيني الذي لم يجد سنداً له على عكس شعوره تجاه الشعب المصري الفخور بنفسه اليوم رغم ما يجري اليوم على الساحة المصرية وتغلغل أصابع الفلول البائدة بين صفوف الشعب وأزمة دستور لا يبدو أنها ستنتهي بسلام ثم ما هي مصلحة واشنطن اليوم في الاتصال مع قوى المعارضة السورية وقلب الطاولة على بشار الذي لم يكن يوماً صديقاً محبباً للبيت الأبيض وكانت خطاباته ومواقفه المخادعة تمثل عرقلة صريحة لاستقرار إسرائيل وضمان أمنها، خصوصاً وأن حزب الله يمثل الحليف الأقوى لسوريا والمدافع عن حكومة بشار والإعلان المهلهل بسحب قواتها من سوريا رغم عدم الاتفاق العلني مع تركيا حول المنطقة الآمنة في شمال سوريا؟!.. هل أصبحت ثوراتنا مصلحة لنا أم لأعدائنا؟!..قوة لنا أم ضعفا يضاف إلى الضعف الساكن فينا ؟!..ما الذي أشعل هذه الثورات فعلاً وهل يكون قهر الرجال من فعلها أم أياد ركلت هذا الشعور فينا فاستشاط غضباً وأعلن الثورة ؟!..ماذا استفدنا حتى الآن من الثورات العربية ونحن حتى الآن نجهل مصير الطغاة الذين أسقطناهم وهل سيكون العقاب بقدر الجرم، أم أننا على موعد مع جبابرة آخرين؟!..هذه هي الأسئلة التي يجب أن يجيب عنها أهل الثورات اليوم كما أن علينا أن نفكر ونفكر ونفكر قبل أن نستبيح جسد هذه الأمة بالثورات والهتافات رغم الشعور بالفخر لتساقط بيادق الملوك عند أقدام الجنود!... ندعو للسودان الخروج بثورة آمنة وبأقل الخسائر [email protected]