01 نوفمبر 2025

تسجيل

‏البشر ليسوا معصومين

21 فبراير 2018

كان سعيد موظفاً في إحدى الشركات، ومن طبعه أنه ينفذ الأوامر والقرارات التي تصدرها الإدارة العليا بلا جدال أو نقاش وإن لم يعرف الهدف منها. وعندما يتساءل زملاؤه عن سبب أو جدوى هذا المشروع أو ذاك، كان يحاول إقناعهم أن أي أمر يصدر من الإدارة فإنه بالتأكيد قد تمت دراسته دراسة وافية، فلاداعي لنقاشه على مستوى الموظفين. وفي إحدى السنوات قلّت إيرادات الشركة، وتضاءلت حصتها السوقية، فقررت الإدارة تخفيض النفقات عن طريق تسريح بعض الموظفين، فأصدرت قائمة بأسماء الموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم، وكان سعيد ضمن هذه القائمة. وعندما تلقى الخبر لم يستطع أن يتمالك نفسه فغضب وسخط من هذا القرار الذي اعتبره جائراً وغير منصف، وكان من المفترض أن تحاول الشركة تقليل المصروفات بطرق أخرى، فحاول بشتى الطرق أن يناقش الإدارة العليا في هذا القرار ويثنيهم عنه، ولكنه كان متأخراً جداً. جاء إليه أحد زملائه يحاول مواساته ونصحه، وسأله: هل تذكر عندما كنت تدافع عن قرارات الإدارة بكل قوتك، ولا تناقش القرارات حتى بينك وبين نفسك؟ بل وتبرر لهم أي قرار مهما بدا غير منطقي؟ نسي سعيد (أو تناسى) أن الإدارة العليا ماهم إلا بشر عاديون، قد يصدرون قرارات متسرعة، أو قرارات خاطئة، وقد يقومون بأمور عاطفية لا منطقية، قد يرقّون شخصاً لأنه أثار إعجابهم، وليس بالضرورة لأنه يستحق الترقية أكثر من غيره، أو لأي اعتبارات اخرى، هم بشر، يغضبون، وينتقمون، ويحتاجون للاستشارة والنصيحة كبقية البشر. يجب ألا نضفي هالات القدسية على أصحاب المناصب، ولا على قراراتهم، فهم في النهاية بشر عاديون معرضون للخطأ، بل من واجبنا أن ننصحهم ونشير عليهم ونبين لهم الجوانب التي ربما غفلوا عنها.