01 نوفمبر 2025
تسجيلفي خطابه الأثير في مؤتمر (ميونخ) للأمن، شرح حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الموقف القطري تجاه حفظ الأمن والاستقرار في العالم. وجاء خطابه على خلفية تعرض دولة قطر لحصار جائر من قبل جيرانها، مشيرًا إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي — فيما عُرف بـ Brexit — " لم يتسبب في قطع علاقات دبلوماسية ولم تُرق دماء، وهذا درس لنا في المنطقة العربية". وتلك إشارة لمَاحة لكيفية المعالجات السياسية — في المنطقة العربية — للأزمات، حيث يسود التشنج والأنفة الزائفة، والغضب " المُضري" الذي يُذهب بالعقل ويمزق أوراق التاريخ. وعرجَ سمو الأمير على التطرف الديني الذي يولّد أفواجًا من اليائسين، ليس في الإسلام فحسب، وان كيفية إدارة شؤون الحكم في المنطقة العربية وعدم تلبية الاحتياجات الأساسية للشعوب، يمهد الطريق نحو الإرهاب. حيث ان ممارسة الظلم، وعدم التفات القيادات لشعوبها، واستئثار مجموعة من المنتفذين بالثروة، فيما يعيش سواد الشعب في فقر مدقع، يتسبب كل ذلك في أن ترفع الشعوب رأسها مطالبة بالحقوق الأساسية، واللجوء الى أية وسيلة — بما فيها العنف — للحصول على حقوقها. ومثّل سمو الأمير هذا الوضع بما حصل بعد (الثورات العربية) منذ عام 2011، وكيف أن آلة القمع — في أكثر الدول التي وصلها الربيع — اسكتت الشعوب، بل ودخلت الشعوب في حرب مستعرة، كما هو حال اليمن وسوريا وليبيا. وكما حملَ سمو الأمير هَمَّ بلاده ومواطنيه والمقيمين على أرض قطر إلى (نيويورك) قبل فترة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإنه أيضَا عرجَ على الأزمة الخليجية التي تمثلت في حصار الدول الجارة مع مصر لدولة قطر. وبدا سمو الأمير واضحًا وواثقًا من وضع النقاط فوق الحروف، دونما اللجو إلى "القفازات الدبلوماسية"، وظهرت هذه العبارات لأول مرة في خطاب لسموه، وذلك بعد أن بذلت دولة قطر كل جهد ممكن من أجل التوصل إلى حل أخوي للأزمة المُفتعلة. حل يعتمد الشفافية وصون سيادات جميع الدول. كما شرح سمو الأمير الخطوات التي اتخذتها دولة قطر لافشال الحصار عن طريق فتح طرق تجارية جديدة، وتنويع الاقتصاد، حيث بدت دولة قطر أكثر تماسكًا وثباتًا عما كان الوضع عليه قبل الحصار. كما عرجَ سمو الأمير على بعض القيم الحضارية التي استنتها دولة قطر، فيما حاربتها دول الحصار، ومن "التنمية المتسارعة، تنمية حرية الإعلام وحرية التعبير التي تُصرُّ دول الحصار على تخلينا عنها"؛ وهو بذلك يُشير إلى امتعاض دول الحصار من مدى حرية التعبير، وبالأخص قناة (الجزيرة) التي كانت أحد المطالب الثلاثة عشر (مطلب رقم 6) المنادي بإغلاق قناة الجزيرة، في الوقت الذي توجد عشرات القنوات التي " تنبحُ " ليل نهار، سواء في دول الجوار أم في مصر، ولم تطالب قطر بإغلاق أي منها، رغم أن أغلبها لا يتسمُ بالمهنية، وتكرر الأكاذيب، ويصل خطابها للسخرية حتى من جمهور المتلقين، حيث كرر أحدهم:" أنتم كلاب "! هل هذه هي لغة الإعلام الذي يُدرِّسونه في جامعاتهم!؟ ولقد وضع سمو الأمير خريطة طريق للتحول من حالة النزاعات والعداء إلى التعاون، على النحو التالي: — السماح بتدفق المعونات الإنسانية ومرورها عبر الحدود. — السماح بمرور الاُسر بحرّيةٍ وأمان. — إتاحة أماكن العبادة لكافة الأديان. — منع تدنيس المواقع التاريخية والدينية واحترام الطرق التجارية المشتركة. وفيما كان سمو الأمير يضع هذه الخريطة الحضارية أمام المؤتمرين في (ميونخ)، بروح من المسؤولية والتعقل، كانت دول الحصار تنظم مؤتمرا — في ذات المدينة — يدعو إلى فرض حصار تجاري على دولة قطر، ولقد تم احضار فتيات من أوروبا الشرقية، لا دخل لهن ولا عقل في السياسة، تحت اسم (مؤتمر دبلوماسيي العالم)!؟ ولقد تحدثت فتاة بلغة انجليزية مُكسَّرة ومكتوبة لها على ورقة، لا يمكن أن تكون قد فهمت معاني كلماتها. وتم إملاء مطالب مقاطعة دولة قطر تجاريًا عليهن مقابل مبالغ من المال. فهل وصل الأمر إلى هذه الدرجة من المهانة والاسفاف بزجّ فتيات من أوكرانيا وصربيا وغيرهما، في المعترك السياسي، الذي يحتاج إلى لغة دبلوماسية،لا لغة " السيقان الممشوقة". نعم، لقد أدهشَ سمو الأمير الحضور في المؤتمر بدعواته الصادقة ورؤاهُ المستنيرة لحل قضايا العالم، في حين برعت دول الحصار في تنظيم حلقات " ردحٍ" سياسي، بعد أن سقطت كل الأوراق التي تستّر بها إعلام هذه الدول، وتواجهَ مع العالم الذي يروق له سماع صوت العقل والمنطق، لا لوقع خطوات الشقراوات في المؤتمر المزعوم. نعم إن تنظيم ذاك المؤتمر يمثّل وصمة عار في جبين دبلوماسية وإعلام دول الحصار، ولا نعتقد أن استئجار 25 فتاة شقراء يمكن أن يؤثر في الرأي العام الغربي أو العربي، خصوصا مع ركاكة العبارات التي صدرت منهن، وعدم فهمهن لأساسيات اللعبة السياسية، قدرَ ما يفهم بعضهن أساسيات لُعب أخرى!؟. إن كلمات سمو الأمير، وخريطة الطريق التي وضعها سموه. تصبُّ في معينِ حلِ الأزمة الخليجية وإنهاء خلافات الشعوب ومعاناتهم دون وجه حق.