29 أكتوبر 2025
تسجيلكان جزء من زيارتي الأخيرة للأردن فرصة ثمينة وجميلة للتعرف عن قرب على عدد من المؤسسات والمبادرات والمجلات والإصدارات المعنية بثقافة وإعلام الطفل، والعاملين في هذا المجال.وأعرفُ حتما أن مثل هذه التجارب وغيرها موجودة على امتداد خارطة دولنا العربية والعالم هنا وهناك، سواء كانت تقوم على شؤونها جهات رسمية أو خاصة ومنظمات أهلية، كما أعرف أيضا أن كثيرا من هذه الجهود الجميلة والعظيمة قد تبقى محصورة في محيطها الذي قد لا يتعدى مدينة أو بلدا بسبب غياب الإعلام عن تعريف الفئات المستهدفة منها أو الجهات ذات العلاقة بها، أو التقصير في هذا الجانب، أو عدم وجود إعلام متخصص في الطفولة أساسا، يهتم بالجانب الإخباري الموجّه للأطفال مباشرة أو الموجه للكبار عن أنشطتهم، وعدم وجود مختصين أو متفرغين من الصحفيين بهذا الأمر. وإذا كنا نشكو من التقصير الكبير بحقّ الأطفال على مستوى الأدب والثقافة، والنقص الكبير في المواد المقدمة لهم سواء كانت كتبا أو قصصا أو مسرحيات أو أناشيد أو برامج.. فإن تقصيرا يوازيه أو أكثر منه بسبب التقصير في الاهتمام بإعلام الطفولة، ونقصد به الأمور التي تعنى بالجوانب الخبرية، وليس مضامين المجلات والقنوات والمواقع الإلكترونية التي يغلب عليها الأشكال الأدبية والفنية والمعارف العامة. التغطية الخبرية الموجّهة للطفل أو عن الطفولة والأطفال مهمة وتشمل جوانب متعددة، ولا تعني بالضرورة الأخبار السياسية التي يكثر الكبار من متابعتها. تتضمن التغطيات الخبرية التي تستهدف الأطفال الأمور التي تهمهم مثل الأخبار العامة في المجالات العلمية وأخبار المخترعات والأخبار الاجتماعية والرياضية والتعليمية والتدريبية والمنوعات، كما تتضمن أيضا أخبار الموهوبين من الناشئة ومخرجات أصحاب القدرات، وتقديم الشخصيات العلمية والمؤثّرة لهم، والفعاليات التي يكون الأطفال جزءا منها، والتعريف بالجهود والمرافق التي تصب في خدمتهم وتطوير إمكاناتهم مثل المؤسسات والمجلات والمكتبات والمواقع الإلكترونية، والإصدارات والمبادرات والأيام العالمية والأمور التي تعنى بحقوقهم والدفاع عنهم والقضايا الإنسانية والتطوعية، فيما تتضمن التغطيات الخبرية عن الطفولة والموجهة للكبار أغلب ما سبق من موضوعات، مع اختلاف في طريقة التناول واللغة المستخدمة. إن حاجتنا لإعلام الطفولة ملحّة لأكثر من سبب:ـ تنمية معارف الطفل وإثراء ثقافته وتنمية مداركه وإطلاعه على الجديد في الجوانب الحياتية العامة المحيطة به في مجالات العلوم والفنون والتربية والقيم والرياضة.ـ تنمية الشعور بالمسؤولية سواء ما يتصل بحقوق الطفل المختلفة كحقّه في الحياة والتعبير عن رأيه وحقه في التعليم وبيئة آمنة، أو مسؤوليته تجاه مجتمعه وأمته العربية والإسلامية والعالم من حوله.ـ تشجيع الموهوبين وأصحاب القدرات والمبادرات من الأطفال والناشئة من خلال عرض قصص نجاحهم وإبراز نقاط تميزهم، وحفزهم على مزيد من الإبداع والتفوق، وحث الأطفال الآخرين ضمنا للتأسي بهم.ـ تنمية إمكانات أصحاب المواهب الإعلامية من الناشئة واليافعين بشكل خاص وصقل مهاراتهم، من خلال توفير مادة تهتم بميولهم في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، ويتصل بذلك عقد دورات تدريبية لهم، وصقل مواهبهم عمليا من خلال دمجهم في عملية التحرير الإخباري. ورفع الوعي الإعلامي عند الأطفال بشكل عام. وعند الكبار يكتسب هذا الإعلام أهمية خاصة كونه يوفّر مساحة لتبادل المعلومات وتلاقح الأفكار والخبرات بين المعنيين والمهتمين والمختصين في مجال الطفولة، والاطلاع على جديد التجارب والمبتكرات والإبداعات في هذا الجانب، وتعميم التجارب المهمة والناجحة.إن الإشكالية المرتبطة بهذا الإعلام ليس في عدم الاهتمام به وإعطائه المساحة الكميّة الكافية فقط، بل بكيفية صياغة وتحرير المحتوى أو عرضه وتقديمه، فالموجود على ندرته إما أنه يتعلق بمواد لا تناسب الطفل، أو يصاغ بطريقة جافة أو غير ملائمة لعمره، أو يُخرج بأساليب ضعيفة الجاذبية، أو مليئة بالأخطاء والمغالطات.