13 أكتوبر 2025

تسجيل

مشكلة الطلاق تهدد مستقبلنا العربي (1)

21 فبراير 2014

قديما قال فولتير الكاتب الفرنسي الشهير على طريقته من الفكاهة المعروفة في كثير من مؤلفاته (أن الطلاق وجد في العالم مع الزواج في زمن واحد تقريبا، غير إنني أظن أن الزواج أقدم ببضعة أسابيع، بمعنى أن الرجل ناقش زوجته بعد أسبوعين من الزواج، ثم ضربها بعد ثلاثة، ثم فارقها بعد ستة أسابيع؟!) وقد أراد بذلك أن يقول: إن الطلاق قديم في العالم، وأنه يكاد أن يكون من الأعراض الملازمة للزواج، وهو حق لا يُرتاب فيه. والواقع يشهد بأن الحياة الزوجية تتعرض في أغلب الأحيان إلى مصاعب ومتاعب قد تؤدي إلى فهم عرى الحياة الزوجية والتسبب في إيجاد أجيال من الأطفال المصابين بالعقد النفسية والتوترات العصبية التي نتجت بالضرورة عن انفصام العلاقات الزوجية فالطلاق ظاهرة اجتماعية قديمة حيث كان الزواج يمثل عقدا مؤقتا .وقد اختلفت الأسباب الداعية للطلاق عبر العصور فقد أوجب النظام الصيني الطلاق في حالات العقم والخيانة وعدم انسحاب المزاج أو عدم احترام أحد الزوجين لأقارب الآخر وقد اجتمعت معظم الشرائع على اعتبار العقم والزنا ذريعتين قويتين للطلاق ويلاحظ بعض علماء الاجتماع العرب أن حجم الأسرة والدين يلعبان دورا كبيرا في معدل الطلاق حينما يفهم على أنه لعبة يلهو بها الرجل وأن الحياة الزوجية لا قداسة ولا احترام لها فيخرج الطلاق عن الغرض الذي أباحه الله عز وجل واعتبرته شريعته السمحة أبغض ما أحل لعباده فالله عز وجل يريد للحياة الزوجية دواما واستقرارا، ولكن بشرط أن يكون ذلك محققا لقدر من السعادة تسير الأسرة في ركابه . لكن عندما يعني استمرار الحياة الزوجية تدميرا لسعادة الزوجين، وعندما تنقطع كل رابطة مقدسة وتنحل بالخيانة أو غيرها، أو عندما لا يصل الأمر إلى حد الخيانة وتستنفد كل الإصلاحات يتعين تغيير هذا الوضع بأبغض ما أحل الله وهو الطلاق .وقد دل تاريخ الأمم على أن الطلاق كان مشروعا عند اليهود والفرس والرومان، وأنه لا يمنع إلا في الديانة المسيحية بعد مضي زمن من نشأتها، ولا يزال أثر ذلك المنع باقيا حتى الآن في شرائع الأمم الغربية التي وضعت الزواج على قاعدة أنه عقد لا يحل إلا بالموت أحد الزوجين وهذا إفراط في احترام هذا العقد ومغالاة إلى حد يصعب أن يتفق مع راحة الإنسان..وفي دراساته بجامعة نيويورك أثبت "د.إلياس بانياس" أستاذ علم الاجتماع أن معدل الطلاق بين أفراد الجالية العربية في شمال أمريكا في ازدياد مستمر بلغت نسبته 31%؛ حيث سجلت ولاية كاليفورنيا أعلى معدل وهو 37%، تليها نيويورك، ثم أونتاريو، ثم تكساس التي ازدادت بها حالات الطلاق بمعدل 30% ، وهذا الانتشار سواء بين أفراد الجاليات العربية أو بين بقية أفراد المجتمع الأمريكي على حد سواء جعل من الطلاق أمرا عاديا في مجتمع الغرب، لا يستغربه أحد ولا تشعر المرأة العربية معه أنه كارثة، قد تؤثر عليها بالسلب أو تنهي أحلامها وتتسبب في انهيار طموحاتها.إن الطلاق مرض اجتماعي ومشكلاته جزء من المشكلات الاجتماعية الخطيرة للطلاق قدرة هائلة على تدمير حياة الأشخاص, وهو يمثل لدى معظم النساء في البلاد العربية انكسارا ومحنة تحتاج لوقت طويل للخروج منها والتغلب عليها, أما في أمريكا فالوضع مختلف؛ حيث يؤدي المكان دورا مهما في تضميد جراح المرأة والخروج بها من فخ الحزن والبكاء على ما فات، فتبدأ سريعا في رحلة البحث عن الذات والتفكير في إثبات وجودها وتعويض ما فاتها، لتتحول المحنة بفضل تحديها وإصرارها إلى منحة وبداية لحياة جديدة، سواء بمشاركة رجل ثان أو بدونه.