28 أكتوبر 2025
تسجيلرفع المخصصات المالية للأسر المستحقة في الوقت الذي توجه الدعوات للحكومات للأخذ بالاعتبار أوضاع محدودي ومتوسطي الدخل عند تطبيق إجراءات التقشف وتقليص الدعم للبنزين والطاقة والغذاء وغيره، تبرز على الجانب الآخر دعوات للمواطنين أنفسهم لإعادة النظر في أنماط استهلاكهم لهذه المواد وتبني سلوك أكثر ترشيدا في حياتهم اليومية. وما بين هذين الموقفين يبقى الرأي صحيحا من وجهة نظري بأن كافة الأطراف عليها التعامل مع هذا الموضوع بحكمة ورؤية اجتماعية شاملة وليس مالية واقتصادية بحتة. لذلك، فأن هناك بالفعل محاذير اجتماعية لرفع الدعم لا يجب تجاهلها، وبالتالي ينبغي اعتماد نهج التدرج وألا يكون على دفعة واحدة بغية تلافي "الصدمات " والآثار السلبية التي من الممكن أن تنجم عن هذا الإجراء. كما أنه يجب الأخذ في الاعتبار عند التوجه لرفع الدعم الحكومي عن المحروقات أن يكون التأثير على المواطنين إيجابيًا كأن يتم توجيه الوفورات الناتجة عن رفع الدعم إلى زيادة المخصصات المالية للأسر المستحقة والمواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط. في دراسة أعدتها غرفة تجارة وصناعة عمان حول رفع الدعم الحكومي، بينت أن محاذير التمادي في أسلوب الدعم المعمم (الذي يذهب للجميع دون تمييز في مستوى الدخل) يعتبر عاملا غير محفز للنمو ويقلص فرص الاستثمار في القطاع النفطي خاصة، كما أنّه يؤدي إلى تفاقم الإنفاق الحكومي العام، وتبديد الموارد الطبيعية واحتياطيات أجيال المستقبل، وكذلك فإنّ من شأنه أن يكرس مبدأ عدم المساواة في المجتمع الواحد، حيث إنّ الأثرياء أكثر استفادة من هذا الدعم، وهو أيضًا يقلل الحافز للاستثمار في الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى بعض الآثار الجانبية غير المباشرة مثل التلوث البيئي، والتأثير على الصحة العامة، وزيادة الزحام المروري، وارتفاع أعداد الحوادث، هذا إلى جانب أنّ استمرار سياسة الدعم تساعد على التهريب إلى الدول المجاورة، وتوزع ثروات الوطن بين المواطنين وغير المواطنين أيضًا. إن رفع الدعم ضرورة تفرضها الظروف الاقتصادية المتغيرة، ولكن على دول التعاون أن تتخذ جملة من التدابير للتهيئة لهذه الخطوة لضمان تقليل تأثيرها إلى الحد الأدنى على الفئات الاجتماعية الأقل دخلا، بل يجب تحسيس هذه الفئات بجدوى تقليص الدعم من خلال إعادة توجيه قسم من مردودات رفع الدعم لها عبر وسائل أخرى مثل البطاقات التموينية والمخصصات المالية وغيرها.