12 سبتمبر 2025
تسجيلتذكر قصة أصحاب الكهف أنهم فتية آمنوا بالله وتركوا دين قومهم الذين كانوا يعبدون الأصنام، فلجأوا إلى الكهف فارين بدينهم من بطش القوم، فكانت عناية الله ورحمته تحفهم، وناموا مئات السنين حتى فني أعداؤهم واستبدلهم الله بقوم صالحين، هكذا تكون معية الله مع المؤمنين الصالحين في كل زمان ومكان، ولا يعلم جنود ربك إلا هو. وتتكرر القصة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج من مكة مهاجرًا إلى يثرب بعد أن اجتمعت عليه قوى الكفر لتقتله في مكة، وقد صاحبه ابوبكر الصديق رضي الله عنه في تلك الرحلة المحفوفة بالمخاطر والقوم في اثره يريدون أسره أو قتله فأوى إلى الغار هو وصاحبه، والغار كهف في جبل، فبلغ فرسان قريش وهم يبحثون عنه موقع الغار إلا أن الله صرف أنظارهم عنهما. يقول ابوبكر الصديق رضي الله عنه: نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله؛ لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه، فقال: يا أبا بكر؛ ما ظنك باثنين الله ثالثهما، فكانت انطلاقة تلك الهجرة التي غيرت وجه التاريخ، فصيرت المؤمنين المستضعفين في مكة قوة متمكنة خضعت لها رقاب الجبابرة. والسؤال ما علاقة ما يجري في غزة بما سبق ذكره؟، يقول الحق جل وعلى "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا"، إن هؤلاء الفتية المؤمنين من شباب غزة، الحفاظ لكتاب الله، باعوا أنفسهم لله رافضين الاعتراف بالكيان الصهيوني والقرارات الأممية المشرعنة له ومتبرئين مما يسمى بعملية السلام ومعارضين لصفقة القرن وعملية التطبيع المشينة، ومقاومين للاحتلال الغاشم. وبناء على ما تقدم كان لابد للمقاومين من إعداد العدة لمواجهة العدو، فكانت الأنفاق هي كلمة السر التي سينطلق منها النصر والتمكين بإذن الله، وكانت عناية الله ومعيته هناك حيث يسر لهم التدريب والاستعداد والصناعة الحربية، وكان العمل والتجهيز للمواجهة جاريا على مدى سنوات حتى حانت ساعة الصفر، فكانت غزوة السابع من اكتوبر التي فاجأت العدو ودكت حصونه واسقطت هيبته إلى الأبد، فاهتز العالم وتداعت قوى الغطرسة والاستبداد العالمية لإنقاذ الربيبة المدللة بأي ثمن، فسقطت اقنعة القيم المزيفة التي تسوقها دول الغرب زورًا وبهتانًا لتتغلغل في مجتمعاتنا، وسقطت معها اقنعة كثيرة اخرى حتى رأينا بأم أعيننا فسطاطين، فسطاط القسط والعدل من أحرار العالم وشرفائه، وفسطاط النفاق وازدواجية المعايير من قوى الاستبداد والظلم "ولينصرن الله من ينصره"، وإن غدًا لناظره لقريب.