12 سبتمبر 2025
تسجيلأقسم بالله أن ساعتين مرتا منذ أن ركنت إلى زاويتي المكتبية والتي أستشعر منها أفكاري، لأكتب مقالاً كل يوم وما زلت لا أعرف ماذا أكتب وكيف أبدأ، وأي صيغة سوف تجري تحت ثقل حروف الكيبورد الواقعة تحت سلطة أصابعي فقد انتهت كأس العالم ومعها انتهت "السلطنة الكروية" التي كنت أعيشها، وبات عليّ أن أقوم بجهد أكبر للتخلص من جلباب المونديال لأدخل في غمار "ابتسام" التي لطالما كتبت وحلّقت في المقالات السياسية والاجتماعية وكنت نادراً ما أكتب في الرياضة لأنني غير شغوفة بها كما أسلفت الذكر في هذا سابقاً قبل أن يحل عليّ سحر كأس العالم قطر 2022، وأجد أنني ما عدت أنا وأن كرة القدم فعلاً جميلة ولكن في إطار أن تُلعب في قطر وبتنظيم قطر وأجواء قطر وفعاليات قطر وأن يحضر العالم إلى قطر ونرى كيف أن قطر هي الدولة العالمية حقاً في الوقت الذي كنا نظن أنفسنا من عالم ثالث اختلقه الغرب المتعالي، وجاء مونديال قطر 2022 ليحدد أن الفوقية الغربية قد كُسرت حينما رأى الجميع بأم أعينهم أن النجاح القطري المبهر الذي رافق البطولة بدءاً من صافرتها الأولى وخلال إقامة المباريات والفعاليات المصاحبة والأجواء التي طغت على البطولة ككل ونهاية بتتويج رجال التانجو بالذهب وحملهم لقب بطل كأس العالم قطر 2022 بعد 36 سنة من الحرمان رغم الوصول لمشارف الكأس، لم يكن نجاحاً اعتباطياً، وإنما كان مدروساً، مخططاً له، ومدبراً، سهر القائمون لأجله سنوات لكي يظهر بالشكل العالمي الذي برز به وخرج للعالم من جميع جهاته الأربع والحمد لله أولاً وأخيراً . نأتي الآن لما صاحب النهائي من مشاعر مختلطة، فبينما كنا نشهد ختاماً رائعاً كاملاً مكملاً لأجمل نسخة لبطولة كأس العالم، رأينا فيها منتخب الأرجنتين بقيادة الأسطورة ليونيل ميسي يرفع كأس العالم وهو لا يكاد يصدق بأنه قد فعلها مع زملائه الجسورين في مباراة مجنونة صُنفت على أنها أفضل مباراة نهائية في تاريخ نهائيات كأس العالم بين أخذ ورد وهدف خاطف وآخر مرتد مباغت حتى الدقيقة الأخيرة من عمر الشوط الإضافي الثاني بين المنتخبين الأرجنتيني والفرنسي حتى أتت ضربات الحظ لتنصف المنتخب البطل وتعيده لمنصة التتويج وحمل الكأس الغالية، كانت مشاعر أخرى تتخبط في دواخلنا وهي أن ما نراه ونستمتع به في مساء يوم الأحد 18 ديسمبر هو آخر ما سوف نراه من بطولة كأس العالم ورغم فرحتنا واعتزازنا بفوز المنتخب الأفضل لدينا وهو منتخب التانجو اللاتيني الرائع وإسدال البشت القطري العربي على أكتاف "ميسي" قبيل تسلمه كأس العالم ليحملها ويحتفل بها مع زملائه الذين كانوا ينتظرونه بفارغ الصبر على الجانب الآخر من منصة التتويج ليرفعها عالياً وسط الصيحات والضحكات والعبرات والألعاب النارية التي أحالت مساء "لوسيل" إلى نهار ويتداول إعلام العالم على اختلاف فئاته المرئية والمقروءة والمسموعة والإلكترونية هذه الصورة لـ "ليونيل بن ميسي" وبشته لتصل رسالة واحدة تقول إن البطولة القطرية العربية هي لآخر ثانية منها وأن هذه الصورة سيتداولها حتى الإعلام الذي هاجمنا وأن الصورة دلت على صاحبها وليس عما يجب أن تكون حسب رؤيتكم لها إلا أن كل هذا لم ينسنا أننا نعيش آخر اللقطات وآخر المشاهد وآخر اللحظات لمونديال لا قبله مونديال ولا بعده مونديال بفضل الله الذي نحمده حمداً كثيراً على ما أعطى وأنعم ثم بفضل القيادة المستنيرة المتماسكة التي عملت بصمت وتجاهلت الحروب ضدها لترد ردها المناسب والمفحم في اللحظة التي اختارتها هي وبالصورة التي أرادتها هي وقد كان هذا فعلاً ما جرى والحمد لله.