16 سبتمبر 2025

تسجيل

روح اليوم الوطني

20 ديسمبر 2017

رغم الحصار، ورغم غصّات "الأشقاء" التي نثروها على وجه قطر، ورغم الاستهجان الدولي للحصار، عاش القطريون هذا الأسبوع احتفالات اليوم الوطني! وصدح الفنانون بحب قطر، وهتف الأطفال بحب قطر. هذا التلاحم والتسامي فوق جراح "الأشقاء" عكسَ معدن القطريين، وقدرتهم على التلاؤم مع محدثات الزمن ومصائب الأيام، كما فعل الأجداد صبراً وامتحاناً على وحشة الصحراء وغضب البحر. ارتفعت أعلام قطر فوق البيوت والهامات، وفاضت القلوب شعراً ونثراً، وامتلأت الساحات عرضاتٍ ومواويل. في اليوم الوطني لم يلتفت القطريون للحصار ولا لتداعياته، بل أقبلوا على دروب محبة الوطن والتفاني في خدمة المجتمع بمثابرة وإقدام. هكذا هي الأوطان التي تحبُّ شعوبها، وتبادلها شعوبها حباً بحب، وهكذا هو التفاف الشعب حول قيادته، مؤمناً بطريق الحق الذي تسير عليه، في وقت ضلَّ كثيرون هذا الطريق. الوطن ليس حفنة من جغرافيا أو لوحاً من التاريخ، إنه النبض الذي يسكننا ونسكنه، إنه الدفق اللاشعوري الذي ينتقل من الوريد إلى الوريد.  الوطن هذا الذي نسميه قطر، ليس عماراتٍ وشوارع ومؤسسات، إنه الرمز الذي تقوم عليه قواعد الانتماء ، والصيرورة التي لا تفسير لها للعشق الذي ينبت كزهور الصحراء بتلقائية وحبٍ للطبيعة. وبقدر ما يُعطي الأبناء وطنَهم من تضحيات وخدمات وشوق، يبادلهم الوطن تلك التضحيات والخدمات والأشواق، يحمي ثغورهم، يوفر لهم الأمان، ويصدّ عنهم غوائل الدهر. وفي مناسبة اليوم الوطني، يحق لنا أن نفخر بأننا عايشنا أجمل أيام قطر، وأكثرها إدراراً للعزة والكرامة، وأخصبها إلقاءً لثمر الغرس الطيب والري الحسن. لن نعجب إن طالتنا عينُ الحسد، ولاحقتنا نظرات شزرات، لأن هذا (الهارموني) الذي نعيشه نحن في قطر، يندر أن يتواجد في مكان آخر. فالحروب تستعر في الشرق الأوسط، والصورايخ تتساقط فوق رؤوس الأطفال، والدول تتصدع، وصفقات الأسلحة تتفاقم، واللعنات ضد الظلم والجور تنطلق من أفواه المقهورين، والسجون تعجّ بسجناء الرأي الذين زُجَّ بهم فيها دون محاكمة وتعرضوا لأبشع عمليات التعذيب دون وجه حق. كل ذلك بسبب الظلم والفساد وخلو القلوب من الرحمة وغياب العدالة، وسيادة الرأي الواحد والحاكم الأوحد. الحمد لله أن الحصار علّمنا كيف ننظر إلى الأمور؟ وكيف نحتمي بحب الوطن؟ وكيف نمارس المكاشفة ونعالج قضايانا بشفافية وعقلانية، دونما انحيازات أو مبالغات أو مزايدات. ولعلنا نتصور هذا الجيل الشاب بعد عشرين عاماً، كيف سيخدم هذا الوطن؟ وكيف سيتعامل مع أرقام الحياة الصعبة، وكيف سيوفر هذا الرخاء الذي يتنعم فيه هذه الأيام؟ جيل الشباب الذي يتحمل المسؤولية اليوم هو جيل الغد، كونه عاش فترة ما بعد الحصار، وقطر ما بعد الحصار غير!؟ الإنسان في قطر هو الأغلى، وهو الأكرم، وهو عماد أية تنمية، لذا، اهتمت الدولة بالإنسان فكراً وجسداً، ففتحت له المدارس والجامعات، ووفرت له السكن الملائم، والعلاج الشافي،(مع أننا مازلنا ننتظر مشروع التأمين الصحي)، وأقامت المؤسسات الرياضية المُجهزة على أحدث طراز! ومن أجل الإنسان، قامت الدولة بتأمين الحدود، وتوقيع الاتفاقيات لحماية هذا الإنسان. كما أنها أدرات عجلات البناء والتعمير في كافة أراضي قطر، ولعلنا نشهد مشاريع (المونديال) واحداً بعد الآخر، ولكن من يخرج إلى شوارع قطر الخارجية يشهد تعميراً للطرقات السيارة من إمسيعيد وحتى دخان، ما يقارب أكثر من مئتي كيلومتر من الطرق المجهّزة بكافة مستلزمات السلامة. ميناء حمد ومطار حمد الدولي من منجزات الدولة، ولقد ساهما – وقت الحصار – في حركة الاستيراد والتصدير ووفرا الخدمات الراقية للإنسان. الإعلام القطري أحسنَ صُنعاً بواقعيته وعدم انزلاقه كما انزلق إعلام الآخرين! ردّ على الأكاذيب والفبركات بشواهد دامغة وليس بتشنج أو افتراءات أو "ردح"! شاهدنا نجوماً من المحللين القطريين استطاعوا أن يُثبّتوا حق قطر، تماماً كما فعل الصحافيون والكتّاب، وأيضاً الشعراء والملحنون والمطربون، الذين تساموا فوق الجرح، وتغنّوا بوطنهم ورموزه برقيّ ونُبل لم يخرجا على هدف الأغنية، والتي تعبّر عن الوفاء والحب والأمانة والشوق، تماما كما فعل المسرحيون في أعمالهم، وكما فعل أهل وسائل التواصل الاجتماعي. اليوم الوطني تذكير بفضائل الوطن، وترجمة لتلك العلاقة الحميمية التي تربط اللحم بالتراب، والدم بالتراب، كما فعل الأجداد عندم ادلهمّت الخطوب. هنيئاً لنا بقطر، وهنيئاً لقطر بأهلها الأوفياء، فنحن نستحقها وهي تستحقنا، ولا نقول في هذه الأيام السعيدة إلا: حفظ الله لنا قطرنا من مكر الماكرين، وكيد الكائدين، وحقد الحاقدين، وأيّد الله قيادتنا بالرأي السديد وأنار لها الطريق القويم، لنواصل طريق البناء إلى الأمام ونصافح الأمم المتحضرة، ولا نلتفت إلى "خفافيش الظلام".