12 سبتمبر 2025

تسجيل

مؤشرات النمو الخليجية تفتح آفاق المبادرات والشراكات

20 نوفمبر 2013

تابعت ما نشر مؤخراً عن مؤشرات النمو في قطاعات اقتصادية قطرية من طاقة وسياحة وملاحة وتنمية وصناعة، وبالتأكيد .. هذا ينسحب على دول مجلس التعاون الخليجي، التي تسير في نهج النمو المتصاعد، وتتحدث عنها الأرقام والنتائج السنوية، فهي تعتبر مؤشراً حقيقياً على مسيرة التنمية الاقتصادية، ودلالة على تنوع السوق المحلي بتنوع مصادر الدخل فيه. وبدا ملحوظاً نمو القطاعات غير النفطية والخدمية والمالية والمعرفية والتكنولوجية والبنية التحتية ، بنسبة كبيرة تترجم طموحات راسمي السياسات الاقتصادية ، في الوصول إلى القاعدة الإنتاجية المحلية لدرجة الإنتاج والابتكار والتنوع وليس الاستهلاك . ولعل أبرز ما كشفت عنه تلك البيانات هو نمو الاستثمارات في المجالات غير النفطية ، والتي استقطبت شراكات محلية وخليجية وأجنبية ، بما يتيح فتح أسواق جديدة، ودخول أصحاب مبادرات خلاقة في خضم المنافسة. فمثلاً بلغ حجم استثمارات الملاحة الإقليمية بدول مجلس التعاون الخليجي "700" مليون دولار، وتخصص دول التعاون "1،4" تريليون درهم للاستثمار في المشاريع السياحية حتى 2018، وبلغ حجم الاستثمارات المتوقعة في القطاع الصحي الخليجي "60" مليار دولار بحلول 2025 . وكان قد ذكر بنك قطر للتنمية أنه قدم دعماً لشركات القطاع الخاص غير النفطية نسبته "77%"، كما تخطط الدولة لاستثمار ما يزيد على "125" مليار دولار في المياه والطاقة ، واستثمار "225" مليار دولار في البنية التحتية حتى 2016 ، وتوقعات باستثمار "318" مليار دولار في التكنولوجيا والاتصالات. وما يعزز هذا النمو تقرير هيئة مركز قطر للمال الذي يشير إلى أنّ قطر تعتبر أهم المراكز المالية في المنطقة إلى جانب الدول الخليجية التي تلعب دوراً مؤثراً في الاقتصاد، نتيجة لآفاق النمو القوية التي يشهدها اقتصاد التعاون، والجهود الحثيثة لتطوير البنية التحتية، والارتقاء بالكوادر البشرية في كل القطاعات. تؤكد مجمل المؤشرات الإيجابية على أنّ تنويع مصادر الدخل في الاستثمار والخدمات والاتصالات والطاقة والأبحاث العلمية ، من الخيارات التي لا تستغني عنها دول التعاون، وهي ركيزة لبناء أرضية ملائمة لبيئة الأعمال. فالإستراتيجية المنظمة للاقتصاد هي مفهوم أعمق، يقوم على توفير مصادر مستدامة للدخل، والارتقاء بالتنمية البشرية في مجالات دقيقة مثل الطاقة والملاحة والتقنية والخدمات، التي تشكل منعطفاً مهماً في مسيرة النهضة الخليجية، وتجنب العجز في الموازنات إلى جانب صدور حزمة من القوانين والتعليمات التي تساعد على الاستقرار المالي، باعتباره مفتاحاً رئيسيا لمناخ استثماري آمن. وفي ظل نمو متسارع في الإنفاق العام على مشاريع تنموية بدول التعاون وتحديداً قطر ، يضع على عاتق خبراء الاقتصاد عبء النهوض ببنية المسار الاقتصادي ، لأنّ تحديد وجهة الأهداف طريق للوصول إلى إنتاجية معقولة. فقد نوه صندوق النقد الدولي إلى أنّ صادرات النفط والغاز وفرت عوائد وفوائض ضخمة لدى دول مجلس التعاون الخليجي قدرت بـ"440" مليار دولار العام الماضي الذي عزز من نمو القطاعات الحيوية ودفعها للتقدم نحو الصدارة. كل ما أشرت إليه من مؤشرات متقدمة محلياً ودولياً يقوي المكانة الاقتصادية لدول المنطقة ، ويدفع عجلة التنمية الصناعية والتجارية والإنشائية مدعومة بإنفاق الدولة والتشريعات القانونية الميسرة لتنفيذها خاصة الاستثمارات التي تنتهج النوعية. كما تركز على الموارد البشرية وتحسين مدخلات التعليم لتجويد مخرجات الجامعات، بهدف رفد سوق العمل بكوادر وطنية متمرسة في قطاعات صناعية وتجارية تعمل على خوض بيئة الأعمال وتتأقلم مع تقلبات الأسواق. هذه المؤشرات تساعد كل مستثمر أو شركة في قطاعات التجارة أن يأخذ في الاعتبار أنّ التنامي الرقمي على درجة من الأهمية لتنفيذ مشاريع اقتصادية في أماكن الكثافة السكانية أو العمرانية، وهي مناطق واعدة وأرضية مناسبة لإقامة مشاريع صناعية وتجارية وخدمية إذا أحسن رجال الأعمال اقتناص فرص التنامي فيها. تشكل المؤشرات في أي دولة، ركيزة حقيقية لبدء الخطوة الأولى في إعداد دراسات الجدوى، ورسم الرؤى الاقتصادية لمشاريع القطاع العام والخاص وبمثابة خارطة طريق لمتخذي القرار وأصحاب المبادرات في التجارة والصناعة والخدمات، إذ عليها تقوم الإستراتيجية الاقتصادية للسنوات العشر المقبلة. وتعتبر أيضاً من الجهود البحثية المكلفة جداً التي تقوم عليها بنية الاقتصاد ، باعتبارها ركيزة أيّ عمل اقتصادي منظم قائم على آلية مدروسة. في المنطقة العربية عموماً لا يعير أصحاب الأعمال المعنيون بالشأن الاقتصادي تلك المؤشرات اهتماماً أو يأخذونها على محمل التحليل والموضوعية وتقتصر على كونها إحصائيات مدونة في الأبحاث والدراسات ، بخلاف المجتمع الغربي الذي قد يعيد صياغة إستراتيجيته بناءً على بيانات إحصائية موثقة تكشف نقاط الضعف أو القوة في مجال دون غيره ، كما تفتح الآفاق أمام المهتمين لمجالات أكثر حداثة تتناسب مع التطور الذي يشهده عالمنا. وكثيراً ما تقوم الرؤى والإستراتيجيات الغربية على البيانات، وترصد لها موازنات كبيرة لبناء إستراتيجيات مستقبلية، لأنها ترى فيها أفكارا تتفاعل مع الغد وقد تكون قابلة للتطبيق.