09 أكتوبر 2025

تسجيل

أزمة مواطنة

20 نوفمبر 2013

المتابعون لمجريات الحياة الحديثة التي دخلنا اتونها مرغمين لمسايرة التطور المشهود الذي فرضته النهضة المباركة التي تعيشها البلاد في كافة المجالات والميادين، في الحالة الراهنة، من بإمكانه الحديث عن وجود مواطن يتمتع بكافة حقوق المواطنة كاملة.. فالقوانين لدينا تعيش حالة تناقض وازدواجية المعايير. فمعذرة المواطنة التي يقصد بها حقوق الفرد وواجباته في المجتمع لم تعد لها جوانب داعمة ومنصفة، كانت قد رسخت في اذهاننا مفاهيم عظيمة تفسر معنى المواطنة، تعلمنا منها ان المواطنة هي الرابطة بين أفراد المجتمع، تنظم علاقاتهم القائمة على العدل والمساواة أمام سيادة القانون، بينما القانون اصبح في ظل هذا التزاحم المكثف من الخارج بحفظ في الاغلب حقوق غير المواطنين. حامورابي ذلك المفكر المبدع قبل آلاف السنين صاحب قانون العدالة عمل على تحقيق الاستقرار من خلال الأمن الاجتماعي. أي المساواة المطلقة في حقوق المواطنة. والاسلام يقرر ان حب الاوطان وحمايتها والدفاع عن امنها وسيادتها من مقومات الايمان.. فالوطن والوطنية والمواطنة هي منظومة حضارية، الوطن سكن مشترك لساكنيه، والمواطنون اساس حبه وهم سواء في تحمل مسؤوليات حمايته وحفظ سيادته وهم سواء كذلك في النهوض بمسؤوليات ادارة مصالحهم المشتركة فيه. هذا ما يخص الوطن، اما الوطنية فهي العملة المغيبة في هذه المعادلة فهي شراكة ومؤاثرة.. والمواطنة تعاون وتضامن وتنافس.. فاذا كان الوطن سكنا وحمى.. فالمواطنة هوية وانتماء.. الوطن دولة وسيادة وامانة ومسؤولية.. والوطنية تعاقد وولاء ووفاء.. الوطن ارض وشعب وثروات.. والمواطنة صدق في الاداء وعزيمة في البناء.. قال تعالى في كتابه العزيز "اني جاعل في الارض خليفة" يراد من ذلك ان الله استخلف الانسان في الارض من اجل عمارتها واقامة العدل في ربوعها، والانسان مستخلف في الارض بصفته انسانا فحسب بصرف النظر عن نوع انتماءاته، الكل مكلف والكل مسؤول سواء بسواء والعدل والاستقامة والكفاءة والمهارة والخبرة هي معايير اداء الاستخلاف الايحابي الراشد لعمارة الوطن وتحقيق مصالح المواطن. ان صدق الولاء وحسن الاداء وعزيمة البناء  سر قوة الاوطان وارتقائها.. والتعاون والتكامل والتنافس بين المواطنين في تحقيق مصالحهم تفضي الى تعزيز كرامتهم وإرادتهم وحريتهم.. وهنا يكمن الجزاء من اولي الامر من القائمين على شؤون البلاد الذين يهمهم تفعيل وتشجيع وتطوير كفاءات ومهارات المواطنين في جميع ميادين الحياة، ويحرصون في اداء واجبهم على ارساء التكامل والتلازم بين الحقوق والواجبات، مقدرين طاقات الشباب من الجنسين دون الالتفات الى تنوع الاطياف الفكرية والثقافية، إثراء لقدرات شعبهم ومهاراتهم وتنوع خياراتهم في تحقيق التنمية والارتقاء. والسؤال في خضم هذه الخلطة المتنوعة في المجتمع من هو المواطن؟ هل يجب أن يكون من أصول داحس والغبراء؟ او من الغساسنة والمناذرة أو من نسل "اسد الاذري" ليكون الاحق بالمواطنة، لقد ساهمت هذه النظرية الضيقة للإسف في تعميق الشرخ الاجتماعي داخل نسيج الوطن الواحد. رغم أن الجزيرة العربية هي موطن لهجرات متعاقبة متوالية على مر التاريخ. وسلامتكم