12 سبتمبر 2025

تسجيل

تكامل الصين والآسيان.. قدرة الكم على تحقيق الكيف

20 أكتوبر 2013

رقم كبير سواء من حيث الكم البشري أو من حيث رأس المال العالمي ذلك الذي أصبح يتداول في ما بات يعرف بمنطقة التجارة الحرة بين الصين ودول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي من المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ وتعتبر المنطقة التي ستغطيها الاتفاقية أكبر منطقة تجارة حرة في العالم سواء من حيث المساحة الجغرافية أو الكثافة البشرية إذ تمتد على مساحة 13 مليون كيلومتر مربع وبكثافة سكانية تصل إلى مليار و900 مليون نسمة يشكلون ثلث سكان العالم بحجم تجارة يصل إلى 200 مليار دولار.ومع أنه اتحاد شكل في وقت يعيش فيه العالم ظرفية خاصة سواء من حيث التوقيت كالأزمة المالية والاقتصادية التي يعيش العالم تداعياتها فإنه أيضا يعيد إلى الأذهان مدي قدرت التكتلات الاقتصادية الناجحة علي مواجهة الأزمات وبالخصوص الاقتصادية منها وهل يشكل المولود الجديد منافسا حقيقيا للاتحادات التي كتب لها النجاح في الماضي كالاتحاد الأوروبي والمنطقة التجارية الحرة لأمريكا الشمالية؟تعد آسيان واحدة من أكبر ثلاثة تجمعات اقتصادية في العالم تشمل 80℅ من سكانه وتسيطر علي ℅90 من حجم تجارته. ويصل الناتج المحلي لها مجتمعة مع الاتحاد الأوروبي والنافتا إلى 81℅من الناتج العالمي. بما يعني أن 19℅ فقط من العملية الاقتصادية تتم خارج تلك التجمعات التي تتزايد أهميتها ودورها المحوري في الاقتصاد بشكل كلي ونظرا لما عرفته السنوات الأخيرة من اتجاهات قوية نحو تشكيل تجمعات اقتصادية إقليمية ذات أهداف متباينة في إطار من العلاقات المتشابكة والمعقدة المبنية على أساس من الأحلاف والمصالح الاقتصادية، وقد حققت بالفعل بعض هذه التجمعات خطوات واسعة النطاق من التقدم تجاه تحقيق أقصى درجة من درجات التكامل الاقتصادي وأهم هذه التجمعات الاتحاد الأوروبي كنموذج ناجح ومؤثر على الساحة الاقتصادية الدولية وعملته القوية جدا اليورو التي فاقت في قوتها السوقية والمصرفية الدولار الأمريكي ونجحت أيضا السوق الأوروبية المشتركة في بلورة الأهداف الأوروبية ومعالجة الاختلالات في موازين المدفوعات وتدعيم الاستثمار. وإذا كانت دولة مثل الصين تسير بخطوات ثابتة ومتسارعة تساندها جاذبية الأيدي العاملة الرخيصة الماهرة والمدربة الأمر الذي مكنها على ما يبدو من نمو فاق كل التوقعات حافظت من خلاله على نسبة نمو وصلت %10 خلال الثلاثة عقود الماضية وهي نسبة استطاعت بها تجاوز العديد من الدول المتقدمة ومن المنتظر أن تتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة بحلول عام 2035، وفقا لدراسة للعالم الاقتصادي ألبرت كيديل كما يشير العديد من التوقعات إلى أن الاقتصاد الصيني الآن يبلغ 18% من حجم الاقتصاد الأمريكي قياسا بالدولار، إلا أنه يبلغ 76% من الاقتصاد الأمريكي قياسا إلى القدرة الشرائية. وسيكون بحلول عام 2050 أكبر من الاقتصاد الأمريكي بمقدار 43% قياسا على القوة الشرائية وإن كان سيكون دون الاقتصاد الأمريكي قياسا إلى الدولار. وهي توقعات قد تعززها القدرة التنافسية الدولية العالية وازدهار الاقتصاد المحلي بل ويزيد منها كون النمو الحقيقي لصادرات وواردات الصين لا يزال قويا رغم تأثر الاقتصاد العالمي والغموض الذي يحيط به وصمود اقتصادها أمام الهزات التي يعيشها الاقتصاد الدولي كما يعززه ميل العديد من المؤسسات المالية العالمية إلى كفة الصين وانتقال العديد من المستثمرين والشركات متعددة الجنسية هربا من نار الركود الأمريكي واتخاذها مقرات داخل مدن صينية إلا أن أحلام التكتلات الاقتصادية التي تضعها الحكومات لا تزال بسبب المزايا والمكاسب التي تدفع بها اقتصاداتها نحو التقدم والانفتاح والرواج في التصدير والتكامل في دخول الواردات لسد الاحتياجات بأقل أسعار ممكنة وفي الغالب تكون الواردات من السلع التي يتطلب إنتاجها تكاليف مرتفعة وأعباء باهظة في الدول المستوردة التي تلجأ إلى خيار فتح الأسواق أمام السلع المصنعة في الخارج من أجل تجنب تعطيل عجلة الإنتاج في إنتاج سلع باهظة التكاليف وعالية الأثمان وغير ذات جودة واستبدال ذلك بتسخير عوامل الإنتاج في السلع التي تستطيع بها البلاد التفوق والصدارة والتصدير إلى الخارج وتحقيق أرباح عالية تغطى تكاليف استيراد السلع الأخرى وتحقق فائضا اقتصاديا للموازنة العامة للدولة مما يجعل المارد الأصفر يتطلع إلى الشراكة مع أي كان خاصة وإن كانت شراكة بها استطاعت أن تصطاد عصفورين بحجر فمن جهة شراكة الصين ستستحوذ علي نسبة 10 في المائة من التجارة الصينية ومن جهة ثانية فقد استطاعت للتو إزاحة الولايات المتحدة لتصبح ثالث أكبر شريك تجاري لدول آسيان. ومن المتوقع أن تتبوأ المركز الأول خلال السنوات القليلة القادمة لتحل مكان اليابان وكوريا الجنوبية. فقد قفز حجم التبادل التجاري بين الصين ودول آسيان من 78 مليار دولار عام 2003 إلى 231 مليار دولار العام الماضي.وهو ما يعيد إلى الأذهان التساؤل عن مدي جدية الجهود العربية المبذولة من أجل تحقيق تكامل اقتصادي مثمر على غرار التجمعات الناجحة فيما لا تزال التجارة العربية البينية تراوح مكانها المتدني منذ أكثر من 15 عاما، دون أن تشهد أي ارتفاعٍ يُذكر ففي الوقت الذي وصل حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والكيان الصهيوني رغم حداثته خلال عام 2007 نحو 410 ملايين دولار تتوالى على التجارة العربية البينية 15 سنة تتراوح ما بين 8.5% و10% فقط من إجمالي التجارة الخارجية العربية التي بلغ إجماليها باستثناء البترول في عام 2007 ما مجموعه 253.06 مليار دولار منها تجارة بينية ما قيمته 25.8 مليار دولار وهو أمر غير مستقرب فالحلول لا تأتي من تلقاء نفسها والدول العربية لا تبذل أي جهد لتجاوز العقبات التي كثيرا ما تقف حجر عثرة في وجه التكامل مما يجعل تخلفنا عن الركب سيجعل من شعوبنا سلة لمنتجات الغير.