07 أكتوبر 2025

تسجيل

أنماط الوجود في المجتمع

20 سبتمبر 2020

كنت قد كتبت كثيراً في السابق عن نمط العلاقة في المجتمع وضرورة عودتها إلى ما كانت عليه في السابق من نمط أفقي كضرورة لابد منها؛ لاتزان المجتمع ووسطيته، وقد ذكرت مراراً في السابق كذلك أن تغول السلطة في المجتمع أدى إلى المسافة الاجتماعية المطلوبة لتحقيق أفقية العلاقة داخل المجتمع، الأمر الذي جعل من العلاقة العمودية أو الرأسية مع السلطة أولوية على العلاقة الأفقية اللازمة لوسطية المجتمع واتزان وزيادة ثقته في نفسه وإمكانية بناء سبل التعاون بين أفراده على أساسها. لقد أدى عدم الاهتمام بذلك وبضرورة الحفاظ على العلاقة الأفقية لما لها من خصائص مهمة لاستقرار المجتمع وسعي المجتمع في المقابل للإحساس بوجوده للبحث المستمر؛ لإقامة علاقة رأسية أو عمودية مع السلطة إلى بروز نوعين من أشكال الوجود في المجتمع النمط الأول: الوجود الانطولوجي الإنساني المتزمن للمواطن الموجود بشكل طبيعي في كل مجتمع من مواطنين، وممن يحمل جنسية البلد، وما يصاحب ذلك من حقوق وواجبات دستورية. النمط الثاني: هو الوجود الأداتي المنتج سواء ذلك الذي خرج من دائرة الوجود الأول بعد مرور الدولة بتغيرات تنموية، سواء كانت ديمغرافية أو جغرافية بإزالة مناطق وتثبيت أخرى في عملية برمجة، أخرجت نسبة كبيرة من أصحاب الوجود الأول المتزمن ليصبحوا أو يتحولوا إلى نمط الوجود الثاني الأداتي فبدلاً من أنسنة الأشياء جرت عملية لتشييء الإنسان، فأصبح بمقدور الدولة بذلك إدارة عملية الوجود في حد ذاتها بتوفر معروض كبير من الوجود الأداتي الذي يؤدي وظيفته دون أهمية إدراكه أو فهمه لطبيعتها أو تفاصيلها، ويمسك بأطراف إدارته كتلة الوجود الأول الصلبة والمحددة التي لا يدخل إليها أحد ولا يخرج منها أحد إلا بمقدار إدارة عملية الوجود هذه جعلت المجتمع يقفز من مرحلة المجتمع التقليدي إلى مرحلة المجتمع الزبائني أو الاستهلاكي، ويمكن تلمس ذلك بوضوح من خلال بروز بعض الظواهر الاجتماعيه المختزلة في صور فردية كظاهرة "الفداوي" المعاصر والأيقونة الحديثة الثراء والغني وكذلك الإعلامي "المُمَكين" فاختفى الوجود الحقيقي أو استتر خلف وجود زائف تنتجه الدولة لا المجتمع.