19 سبتمبر 2025
تسجيلمدى نجاح أي مشروع وفاعلية أية خطة حكومية مهما كانت أولويتها أو أهميتها هو في خلوها لاي مصدر من مصادر الوجع الشعبي أو لأقل قدر منه داخل المجتمع، لذلك تبدو الفاعلية والجاهزية وحسن التنظيم وموافقة التوقيت من العوامل المهمة جداً في تحقيق ذلك الهدف، قد نتفق على الأهداف بشريطة أن لا تكون الأهداف مصدراً للوجع الشعبي، كثيرة هي القرارات التي كانت مصدراً لوجع شعبي داخل المجتمع، والتي مع مرور الزمن ثبت أن هذا الوجع الشعبي كان مبرراً، حيث لم تكن النتائج المترتبة على هذه القرارات ايجابية الى درجة أن تراجعت الحكومة عن الاستمرار فيها بعد أن شعرت أن الوجع قد ارتد إليها بعد أن أصاب المجتمع واستشرى فيه، في قطاعات كثيرة منها التعليم والصحة، واليوم شكل قرار تجنيد طلبة الثانوية مصدراً لوجع شعبي كبير من عدة نواح، أولا لفجائيته. ثانياً لعدم دراسته الدراسة الكافية وتأثير ذلك على نفسية الطلاب. وثالثاً لتوقيته. رابعاً لعدم وجود رؤية واضحة حتى عند القائمين عليه فهناك كثير من الاسئلة وجهت للقائمين على المشروع لم تجد اجابات شافية لدى الاهالى سوى أن هناك أوامر. وكشف لي البعض عن حالة غياب تامة حول كيفية التصرف مع الحالات الفردية والصحية والنفسية لكل مجند صغير هو على أعتاب بناء إمكانية ذاتية ليجد نفسه داخل صندوق معلب من الأوامر، يحبط كل إمكانية ذاتية في مهدها، حتى أولئك الذين لديهم إعفاءات طبية من أكثر من مصدر طبي داخلي وخارجي جرى التعامل معهم من منطلق "الشك" وهذا في حد ذاته مصدر عميق للوجع الشعبي، حينما يصبح الشك هو نمط العلاقة بين المواطن والحكومة، لا أنكر أهمية المرحلة التي نمر بها، لا أنكر أهمية التجنيد الاجباري والخدمة الوطنية، لا أنكر اخلاص المسؤولين، لا أتنكر لواجب المواطن أمام وطنه، لا أرفض الفكرة، لكني أرفض الاستثمار في الوجع الشعبي حتى لو كان التراجع عنه بعد ذلك حلاً، بل أدعو إلى ضرورة دراسة التجربة أولاً بشكل تشاركي قدر الامكان وتداولي داخل الاوساط الاجتماعية وان لم نصل بعد إلى مرحلة الاستفتاءات، إلا أن هناك مجالاً للتداول، وعدم الاعتماد على أسلوب إحداث الوجع الشعبي لادراك نجاح التجربة أو فشلها. نحن أمام بناء ثقة ولسنا بصدد اختبار مواطنة، كل أبناء قطر على قيد الاستعداد لتلبية الواجب بشرط الشعور بالذات أولاً، عندما يُحمل الانسان على أنه مجرد شيء يصبح وجعه عميقاً والاستثمار في هذا الوجع خطيئة قد تنسى ولكن لا تغتفر في حق وجوده كإنسان، اسألوا كثيراً ممن ذهبوا ضحية للاستثمار في الوجع الشعبي في قطاعات كثيرة كالتعليم والتقاعد المبكر والصحة وغير ذلك. استثمروا في الانسان كقيمة في حد ذاته، ولا تستثمروا في الانسان كموضوع للتجربة والتقييم لأن في ذلك انتقاص في كرامته كمخلوق فضله الله على كثير ممن خلق وكرمه على من سواه من الكائنات. [email protected]