13 سبتمبر 2025

تسجيل

أتحدث عن الأطباء ..2

20 سبتمبر 2014

تحدثنا فى المقال السابق عن الحيرة التى يقع فيها المريض وأهله إذا ما صادف أحدهم مرض أو وعكة صحية ووقوع الجميع فى حيرة تبدأ باختيار الطبيب المراد زيارته نظرا لتحمس البعض لهذا أو ذاك من الأطباء .. مرورا بتحديد موعد مع الطبيب .. وتلك المعاناة التى يلقاها الجميع فى غرف الانتظار الغير مريحة .. حتى تأتى اللحظة الموعودة بالمناداة عليك للدخول إلى الطبيب . وتكون المفاجأة عند دخولك بذلك الانتقال المفاجئ لعدة قرون إلى الأمام مقارنة بما كنت فيه منذ لحظات .. إذ تجد نفسك فى غرفة نظيفة جدا ومكيفة الهواء .. وتجد الطبيب وقد ارتدى بدلة مريحة وخفا فى قدميه مما يلبسه الجراحون فى غرف العمليات .. ويرد تحيتك بابتسامة غير ذى معنى وهو ينظر إلى شاشة جهاز كمبيوتر حديث على جانب من مكتبه المزدحم دائما بالأوراق والكتب العلمية وأشياء أخرى كثيرة يُحار المرء متى يجد وقتا للنظر إليها .. ويبدأ الطبيب فى تسجيل بعض بيانات المريض على جهاز الكمبيوتر وهو فى نفس الوقت يسأل بعض الأسئلة المعتادة عن التاريخ المرضى والأدوية التى وصفها لك من ذهبت إليهم قبله من الأطباء .. وهنا لابد أن تقارن بين غرفة الكشف وأجهزتها الحديثة وبين غرفة الانتظار وتخلفها وتأثيثها الذى حدثتكم عنه .. وتلك الأجندة البالية والقديمة جدا والتى تعود إلى عدة سنوات سابقة والتى يسجل فيها التمورجى مواعيد الحجز .. ولا تملك إزاء ذلك إلا أن تدور عيناك فى أرجاء غرفة الكشف لتلمس على الفور أن حوائطها مزدانة بكل ما يمجد صاحب المكان من شهادات علمية وشهادات تقدير ممنوحة له فى مناسبات مختلفة ولكنها جميعا تنطق بفضله المتواصل على العلم والمرضى .. فضلا عن صور سيادته مع بعض المسئولين الحاليين وغالبا السابقين .. ولا يخلو الأمر من بورتريه رسمه له أحد الرسامين من مرضاه أو قصيدة شعر قرضها شاعر نال من فضله الكثير كما يظهر فى أبياتها . المهم أنه يفحص المريض فى عجالة ويكتب الوصفة الطبية بسرعة وبخط لا يستطيع تفسيره إلا الصيادلة المساكين .. وعليك أنت – والويل لك إن نسيت – أن تسأله عما تأكل .. وعن موعد تناول الأدوية التى وصفها لك وهى فى أغلب الأحيان مجهولة بالنسبة لك لجدتها وحداثة عهدك بها .. كما أنه ينبغى عليك أن تخبره عما تتعاطاه من أدوية أخرى وعن مدى اتفاقها أو تعارضها عما وصفه لك .. هذا مع تسليمى الكامل بأن هذه المسألة بالذات من أهم واجبات الطبيب التى لا ينبغى إغفالها بأى حال من الأحوال .. وهو فى جميع الأحوال يجيبك باختصار شديد لا يُشفى لك غلة حتى يبدأ يراودك شعور بثقل دمك مما يضطرك إلى الاختصار والانصراف ولسانك يلهج بالشكر على أمل أن تستكمل ما تريد معرفته فى الاستشارة التى غالبا ما تتحدد بموعد آخر حسب ما تنص عليه اللافتة الموضوعة فى أكثر من مكان ظاهر بغرفة الإنتظار .. هذا صنف من الأطباء .. وهناك أنماط أخرى سأحدثك عنها لاحقا .. فإلى لقاء قادم بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين . e mail : [email protected] [email protected]