11 سبتمبر 2025

تسجيل

الثقافة العربية والعولمة

20 أغسطس 2015

لا أريد أن أتحدث في هذا المقال عن العولمة وتعريفها ومصطلحاتها، ولكنني أود التطرق إلى موضوع الثقافة العربية في زمن العولمة. والعولمة ليست بالأمر الجديد، فهي موجودة في جميع العصور منذ أن خلق الله البشر، عندما فرض القوي سياسته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية على سائر العالم، دون اعتبار للحدود أو لخصوصية المجتمعات الأخرى. واليوم، مع التطور الهائل الذي تشهده وسائل الاتصالات، التي تتيح لثقافات العالم أن تتحرك بكل الحرية في جميع الاتجاهات، وكأن العالم أصبح قريةً صغيرةً، نجد أن التحرك يحدث في اتجاه واحد فقط، بنسبة كبيرة ومؤثرة من الغرب إلى الشرق، مقابل وتيرة وحركة ضعيفة جداً من الوطن العربي إلى العالم. وكما قال الإمام الشافعي: نَعِيبُ زَمانَنَا والعَيْبُ فِينَا وما لِزَمانِنا عَيْبٌ سِوَانا يرى البعض منّا أن العولمة لها تأثير سلبي على ثقافتنا وهويتنا العربية، بينما يرى البعض الآخر أن العولمة تفتح لنا أبواباً كثيرةً كانت مغلقة، وتساعدنا على مواكبة التطور الذي وصل إليه الغرب. وفي الحقيقة، فإن الطرفين على صواب، لذا لابد من إصلاح الداخل قبل الحديث عن تأثير العولمة على الثقافة العربية. فمجتمعاتنا العربية مفتوحة على مصراعيها لغزو الثقافات الغربية، التي أدت إلى تهميش وضعف لغة الضاد والتعليم، إضافة إلى وجود عوامل أخرى كالتركيبة السكانية في دول الخليج العربية، التي زعزعت ثقافتنا الوطنية، وأيضا التقليد الأعمى للجيل الجديد في معظم الدول العربية للعادات والثقافات الغربية، في غياب استراتيجية وطنية ثقافية شاملة، مما أدى إلى إضعاف القيم والمبادئ والأخلاق والعادات والتقاليد، وإلى زعزعة هويتنا العربية الأصيلة. وبما أن أهدافنا الثقافية ثابتة، ولكن الوسائل والأدوات المستخدمة تتغير وتتأثر وتتطور، فلا بد من التحصين الداخلي، مع ضرورة الانفتاح على ثقافات العالم، وإتقان استخدام الأدوات المختلفة لمواكبة التطور في وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ولابد أيضاً من فتح مجال حرية الرأي وتقبل النقد، إضافة إلى دعم وتعزيز اللغة العربية والتعليم لتنمية الثقافة العربية وتطويرها، حتى تغدو «ثقافة عربية عالمية»، كما كانت في فترة من الفترات.