13 سبتمبر 2025

تسجيل

نمو اقتصاديات البيئة والمعرفة والتقنية

20 أغسطس 2014

ارتبطت البيئة باقتصاديات نوعية هي المعرفة والتقنية والبيئة ذاتها ،وأصبحت تلك العلوم الجديدة مطلباً ملحاً في الاقتصاديات العالمية ، وباتت شغفاً لبيئات الأعمال التي تبحث عن كل مجال تنموي جديد.ينحو الفكر الاقتصادي اليوم إلى تعزيز أوجه النمو في البيئة ، لكونها مطلباً ملحاً في ظل الظواهر الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل والبراكين والانفجارات الأرضية والاحتباس الحراري والتغير المناخي ، التي تشير بوضوح إلى غضب الطبيعة من سلوكيات الإنسان العصري المدمرة ، تجاه مقدرات الحياة من غطاء نباتي وسهول وأراض ٍ شاسعة .صداقة البيئة لم تعد ترفاً لدى الاقتصاديين أو مجالاً مكملاً لأنشطة تجارية مثلا ، إنما أصبحت قطاعاً مهماً في صياغة أنشطة اقتصادية جديدة ، فرضت نفسها على الحراك الاقتصادي في عالمنا.ففي ظل عصرنا الذي يعاني من أزمات مالية ، وظواهر طبيعية متقلبة ومقلقة ، لعل أبرزها الاحتباس الحراري والتغير المناخي ، كان لابد من رسم المستقبل ، والتخطيط لاستغلال البيئة بشكل أمثل.وقد أثار اهتمامي ما نشر مؤخراً .. أنّ الصين تزيد إنتاج السيارات صديقة البيئة أكثر من 280% ، وإنتاج هذه السيارات يعتمد على الطاقة الجديدة والكهربائية والهجين ، وأنّ إنتاج سيارات الركوب الكهربائية التي تعمل بالكهرباء وصل 700% عن العام 2013 ، وهذا بسبب زيادة الطلب على هذا النوع من المركبات.فالمنطقة الخليجية بدأت من وقت مبكر في دراسة إمكانية وضع نظم متقدمة للتنمية عن طريق الحفاظ على البيئة ومكوناتها وأبلغ دليل على ذلك إنشاء المحميات الطبيعية والاشتراطات الإنشائية لمراعاة الظروف المناخية وإعادة التدوير.وما يثلج الصدر أن الحكومات الخليجية قطعت شوطا في تطبيق الاشتراطات البيئية في المباني وترشيد استهلاك الطاقة والتوجيه نحو استخدام الطاقة المتجددة وتقليل المخلفات وتحسين عناصر البيئة الداخلية في جميع المرافق.كما ذكرت أنّ الفكر العالمي يتجه صوب خلق معايير تنطلق من استدامة البيئة واستغلالها على الوجه الأمثل خاصة ً في ظل تحديات كبيرة مثل التغير المناخي والزحف العمراني وشح الأمطار وقلة الأراضي الزراعية وندرة المياه.البيئات الصناعية ليست بمعزل عن معيشتنا لأنها شريان الاقتصاد في كل بلد ، منها بيئات المصانع ومنشآت النفط ومراكز الرصد التجاري ومنافذ الاستيراد والتصدير والمناجم ، والتي كثيراً ما تقام بالقرب منشآت سكنية وخدمية .وقد يتسبب الزحف العمراني من بناء الأبراج والمنشآت الخدمية إلى إزالة مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية أو المستصلحة للإنبات ، فقد تكون الطفرة الصناعية على حساب البيئات الطبيعية وهذا يحدث ونراه واقعاً ماثلاً.خبراء البيئة في المحاضر الدولية يبحثون بشكل مستمر إيجاد آلية تناغمية بين مواكبة الطفرة الاقتصادية والحفاظ على الموارد الطبيعية التي تشكل تنمية مستدامة وهذا لن يتأتى بدون إجراءات وضوابط رادعة تقلل من فرص التوسع على حساب تلك البيئات ، وتأهيل كوادر دولية تحمل رسالة البيئة المستدامة .وإذا تحدثنا عن بيئات الإنتاج الصناعي فإنها تعتبر من مسببات التلوث ،ويقصد بها المناطق المخصصة لإدارة الصناعات وإنتاج الطاقة ومراكز التجارة والمرافق السكنية التابعة لها .تتطلب المناطق الصناعية خلق معايير دولية تراعي البيئات التي تنشأ فيها على غرار بيئات المدن ، إذ أنّ وضع شروط لاستخدامات مثلى من شأنها أن تطيل عمر البيئة التي تقام عليها والمحيطة بها.لم يعد يقتصر الأمر على دراسة منظومة بيئية في المصانع أو المزارع إنما في عالم تصنيع السيارات .. فقد بدأت فعلياً في بلورة صياغة مستقبلية لسيارة الغد تسير بالكهرباء والزيوت والطاقات المتجددة مثل الرياح والأمواج والشمس .ففي معارض السيارات بالصين واليابان وسنغافورة التي تستقطب اهتمام خبراء الصناعة سيرت مركبات تعمل بالزيوت وطاقة الشمس والكهرباء قليلة العوادم ، وبدأت العديد من شركات السيارات مثل "جنرال موتورز" ابتكار سيارة تراعي الحلول الخضراء في مواصفاتها ، بالإضافة إلى اندماجات عديدة بين شركات أوروبية وآسيوية . وأذكر أنّ أبحاثنا الميدانية في مصانع السيارات الفخمة وهي ليست ببعيدة عن بيئة الصناعة عندما كنت ضمن أكاديميين في جامعة "كوفنتري"بالمملكة المتحدة كانت تتمحور حول إطالة عمر البيئة التي نعايشها ، وكان الهدف الذي نصبو إليه محاكاة البيئة والتقرب منها بإيجاد سبل للحفاظ عليها سواء في التطبيقات الصناعية أو في الممارسات البشرية لكافة مكوناتها .ينظر خبراء التصنيع بتفاؤل لمستقبل المنظومة البيئية التي ينوي المختصون ترسيخها كواقع في الممارسات الحياتية للإنسان خصوصاً في الخليج الذي يضم العديد من المصانع ومنشآت النفط والطاقة ، والحاجة ملحة إلى مخرجات تعي احتياجات مؤسساتها في وضع استراتيجيات بيئية طموحة .فالمدن الذكية من منظور علمي ، هي التي بنيت لغرض صناعي أو تجاري أو علمي ، بحيث تراعي توفير البيئات الاقتصادية الميسرة والمسهلة لحياة السكان ، والخالية بالدرجة الأولى من التلوث والعوادم والضجيج الصناعي ، والتي تقوم في كيانها الأساسي على التقنية وشبكات الترابط الإلكترونية.والمدن الذكية هي التي تحمل عنوان صديقة البيئة وهذا السبب الأساسي في إنشائها ، إذ أنّ خبراء البيئة في المحاضر الدولية يبحثون بشكل مستمر إيجاد آلية تناغمية بين مواكبة الطفرة الاقتصادية ، والحفاظ على الموارد الطبيعية التي تشكل تنمية مستدامة ، وهذا لن يتأتى بدون إجراءات وضوابط رادعة ، تقلل من فرص التوسع على حساب تلك البيئات ، وتأهيل كوادر دولية تحمل رسالة البيئة المستدامة .واليوم تسعى دول الخليج لتأسيس بنية تحتية للمدن الذكية أو مدن البيئة النظيفة التي تعتمد على الطاقة المتجددة والنظيفة بدون ملوثات ، لكونها تستند إلى مفاهيم بيئية مدروسة ومستخلصة من عالم الطبيعة ، وتعتمد على التكنولوجيا في تقنياتها بهدف التقليل بقدر الإمكان من العوادم والتلوث والظواهر الطبيعية المقلقة ، إذ على الرغم من كونها مكلفة إلا أنها أقل من تكلفة إعادة تنظيم المدن القائمة حالياً.وخلاصة القول أنّ البيئة المستدامة يمكن أن تتحقق في حالة صياغة دراسة منهجية لإرساء البيئة ومفاهيمها في المدن الحالية ، وهذا ليس ببعيد عن الاقتصاد، لأنّ كلفة البناء والتعمير ستعتمد على مشاريع بيئية مستندة إلى دراسات بحثية طويلة في مجال البيئة .وكما ذكرت .. لقد ارتبطت البيئة بقطاع المعرفة والتكنولوجيا ، خاصة ً في عصرنا اليوم ، الذي يتحول إلى اقتصاد معرفي إلكتروني ، وبدأ بالفعل في صياغة منهاج له .