12 سبتمبر 2025

تسجيل

«وصارت العشر.. سبع»

20 يوليو 2023

نسمع كثيراً أن المواقف خريف العلاقات وفيها يتساقط المزيفون كأوراق الشجر، وحينها نكتشف ان اكبر الأخطاء كانت بسبب العطف والرحمة والعفوية والانسانية والطيبة التي تسكن الروح وليس القسوة، لا شك ان هناك فئة بشرية كبيرة تستخدم المظاهر والكلام المعسول والدموع السخية الخالية من المعنى للوصول لما تريد فلا تخدعك تلك الصبغة المؤقتة، فالجمال يكمن في داخل الروح وأعلم أنه ليس الجميع مخلصا لك، فهم مخلصون لك ساعة الحاجة وحين انتهاء المصلحة يتغير ويتبدل إخلاصهم لك وقد يهربون من امامك حتى تظن انك مصاب بالجذام وهروبهم تحاشياً للإصابة !! وللأسف ما لا يُدركه الكثيرون أن المشاعر هنا تُسْتَهلك، فالأمر ليس ببساطة ان تقلب ورقةً جديدةً في الكتاب أو تمحو سطراً خاطئا أو تستبدل كلمة غير مناسبة بأخرى في النص، لا يا سادة يا كرام فالأمر يتعدى خيالكم الذي لا يتسع للمشاعر الإنسانية المخلصة وبالتالي قد لا تفهمون ان من يستهلك مشاعره ويُجزل العطاء بها ستكون خيبته لا تُوصف حين يكتشف أن مشاعره باتت مُنهكة القوى وقد اعتراها ألم لا يقل في شدته عن آلام الأمراض الخبيثة، فاحفظ كرامتك حتى لو كلفك الأمر أن تصبح وحيداً وأبحث عن الراحة ولو بعلاقة واحدة مثمرة قبل أن تموت ولا تستهلك مشاعرك واخلاصك مع أناس لا يحفظون الود ولا يصونون العشرة. لا بد أن بعضاً منا قابل أشخاصاً أفرغونا من الحب والعاطفة حتى أصبحت قلوبنا خاويةً كغرفةٍ ظلماء وجعلت مشاعرنا باردة نحو كل ما نحبه، في الوقت الذي تُسيطر علينا فكرة اننا ناقصون أو نستحق هذا التهميش الإنساني والاستهلاك العاطفي، نحاول التمسك بفكرة البحث عن الذات والتعافي من الصدمات التي أكلت من الروح فأنت لست ناقصا، أنت فقط فقدت ذاتك وعليك البحث عنها او استردادها. وكأني أراك في هذه اللحظة تبحث عن العشم بين الوجوه، انا انصحك بالبحث بين السطور فقط، فالعشم الذي كان في حضورهم هو السبعون عذراً إن قصروا أو جرحوا، بات فِي غيابهم باقة أمنيات نتفنن في تنسيقها مستذكرين وجوههم وأصواتهم وروائح عطورهم ومواقفهم المبنية على الوعود الخائبة لنكتفي بطيها في ورق الحنين ونسكبها حروفاً مبنيةً على الغياب وشاهدةّ على قبور المحبة المنسية. لا شك صديقي القارئ انك تستحضر مثلاً او عبارةً تُذكرك بالعشم وكيف يهون، نعم هو تماما ذاك المثل الذي يتردد في المسلسلات والحوارات التي تُمثل واقع الكثير منا، وانا اقول لك نعم لقد هانت كثيرا بدون أسباب ولا مقدمات ولا حتى مبررات للذكريات والأيام والسنين والعطاء والمشاعر الصادقة وكأن كل الصدق الذي كان اصبح كنكتة عابرةٍ للقارات. وكأن الحال اصبح تحت بند «من يرفض العشر يقبل عقبها سبع» مرغماً لا ناقة له ولا جمل، ولسان الحال يقول لم يبق لنا في كل مرة سوى حفنة من العشم نمسك بها كذاكرة مكانٍ، هذا الشعور الذي ما آذونا هم به ولكن أذينا نحن أنفسنا فأصبح يتجلى في غيابهم حين نذكرهم بالطيب، وحين نبتسم إذا مرت وجوههم. اخيراً: لا تراهن على أحد، ستصل معهم إلى نهاية الطريق، وستبقى أنت والطريق فقط !