26 أكتوبر 2025

تسجيل

دروس من الانقلاب التركي الفاشل

20 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم تكن القيادة التركية بحاجة إلا إلى ساعات قليلة حتى تستعيد السيطرة على زمام الأمور، في محاولة انقلابية من الواضح أن هناك تآمرا إقليميا دوليا متورطا فيها. أمس فاحت رائحة وجود الأمريكان والألمان في قواعد عسكرية تركية كان فيها الانقلابيون!فرنسا أغلقت سفارتها قبل أيام، بينما أمريكا وروسيا وغيرهما، أصدرا بيانات متناقضة، يختلف أولها عن آخرها. فما صرحوا به في البداية يختلف عن بياناتهم بعد أن تيقنوا بأن الانقلاب قد فشل.حالهم بالضبط كحال عدد غير قليل من بني جلدتنا، ابتهجوا ورقصوا بلا ملابس فرحين بسقوط أردوغان، ثم لما تبينوا خيبتهم، مسحوا تغريداتهم وغيروا مواقفهم في لمح البصر!عملاء وخونة كانوا ينتظرون سقوط وانهيار أمتنا العربية والإسلامية ودولها، الواحدة تلو الأخرى، وهم يعلمون أنه لو سقطت تركيا لتفرغوا للسعودية وما حولها!العجيب الغريب وجدناه مصغرا في إعلاميين وسياسيين ذو هوس إيراني ويساريين وليبراليين، رقصوا في بداية مساء الانقلاب ونشروا أمنياتهم وأضغانهم بزوال حكم حزب العدالة والتنمية التركي، ثم بدلوا مواقفهم كما يبدلون ملابسهم ليلا قبل النوم!كثيرون غيرهم مثل دشتي والسعيد والهاشم وآل الشيخ وغيرهم، ابتهجوا حقدا وكراهية وتشفيا، لكن مكالمة "فيس تايم" عبر الهاتف من أردوغان، كانت كافية لأن يستعيد الشعب التركي حريته وخياره الديمقراطي.منذ بداية ساعات الانقلاب كنت أخبر بعض الزملاء، تركيا وحزب العدالة اليوم رهانهم على الشعب، وهي الورقة التي لم ينتبه إليها الانقلابيون. الشعب خرج منتصرا للشرعية، وصعد على الدبابات ليُخرج الانقلابيين منها، وسيطر على الشوارع. لم نر صورا لأردوغان ولا غيره، بل أعلام الجمهورية التركية فقط لا غير.قوة تركيا في وعي الشعب والتفافه حول خياراته، لا حول حزب أو شخص. حزب العدالة والتنمية نفع الشعب وحفظ الوطن وأوقف الفساد، ورفع من مستوى وقيمة تركيا وطنا وشعبا، لذلك التف الشعب حوله.أردوغان كان يقبل أيادي المواطنين البسطاء ويحفظ حقوقهم وكرامتهم في الرخاء، فرفع المواطنون رأسه في الشدة.إذا أردت البحث عن الشرعية والقوة والمَكَنة، فلا تبحث عنها بدبابات الجيش، ولكن بقلوب ودعوات ومحبة الشعب.القرب من الشعب هو الحامي للأوطان بعد الله وليس أي أمر آخر.مآذن تركيا ومساجدها، صحف تركيا وقنواتها، جميعهم رفضوا الخيانة والانقلاب.الأقوى من ذلك، كان موقف عبد الله غول وأحمد داود أوغلو وموقف بقية أحزاب المعارضة التركية!جميعهم خرجوا دفاعا ليس عن أردوغان وحزبه، ولكن دفاعا عن الديمقراطية التركية، رفضوا الانقلاب منذ دقائقه الأولى، لأنهم يعلمون أنه إن نجح فسيدمر تركيا، ولن يقوم لديمقراطيتها رأس بعد ذلك.ذلك الدرس طبعا هو أقسى الدروس، لنخب ثقافية ودينية وإعلامية، مستعدة لأن تبيع وطنيتها ومواقفها لأجندات ومصالح شخصية أو حزبية أو أجندات خفية مشبوهة.أما الدرس الأجمل فهو ما سطرته المعارضة التركية أثناء وبعد الانقلاب.كان بإمكان المعارضة التركية أن تنقضّ على أردوغان وحزبه.كان بإمكان المعارضة أن يتحالف بعضها مع بعضها وأن تضع يدها في يد الجيش لإتمام عملية الانقلاب.كان بإمكانها أن تتحرك في الشوارع لإثارة الفوضى، ولإجبار الحكومة الحالية مثلا على تقديم استقالتها!كان بإمكانها أن تحتل مستشفى أو تقتحم جامعة وأن تهاجم رجال الأمن الموالين لأردوغان مثلا!كان بإمكانها لو كانت تسعى لمصالحها الحزبية مثلا، أن تفعل الكثير بكل انتهازية وتنكّر لمبادئ المواطنة والأخلاق الوطنية، ولكنها لم تفعل.بل على العكس، أصدرت بياناتها منذ لحظات الانقلاب الأولى دعما للحكومة الشرعية، ورفضا لأي استهداف لخيار الشعب التركي.وقف زعماؤها في جلسة البرلمان وأعلنوا تأييدهم لجميع الإجراءات المتخذة لحفظ كيان الدولة، ورفض هيمنة الجيش عليها، وتحويلها إلى لقمة سائغة بيد الغرب، يتآمر عليها ويفتت ما صنعته من قوة واستقرار. ما فعلته المعارضة هناك قدم درسا مجانيا لمدّعي المعارضة في مصر الدين ارتموا في حضن الانقلاب خوفا ورهبا وتآمرا وخيانة للوطن.كان درسا بليغا للمعارضة الطائفية في البحرين واليمن من وفاق وحوثيين ومن سار على نهجهم، اللتان ارتمتا في حضن إيران وأجندتها داخليا وخارجيا، ونسيت أو تناست أوطانها.قارنوا بين الحسّ الوطني السياسي الطاغي للمعارضة التركية، وبين ممارسات وسلوكيات تُكرر الأخطاء وتتملص من الالتزامات الوطنية في مواطن أخرى.برودكاست: نعم، وقفنا وسنقف مع تركيا لأنها دولة إسلامية، وقفت مع خليجنا العربي وما زالت.نقف معها؛ لأنها ناصرت الشعب السوري والفلسطيني وقضايا الأمة قولا وفعلا.نقف معها ومع دولنا العربية والإسلامية من دون مقابل، بينما هناك من يقف ضد أمته وقضاياها المصيرية بمقابل رخيص وبأثمان بخسة.