31 أكتوبر 2025
تسجيلنعيش هذه الأيام ساعات مباركة من العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، الليالي التي طالما ومازلنا نعد بها ونهدئ نفوسنا خلالها، ونكثر من العبادة والاستغفار والتقرب إلى الله تعالى، ونترقب فيها أن يبلغنا الله عز وجل ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر وتتنزل فيها الملائكة وتستجاب الدعوات المخلصة.نعم إنها ليال مباركة وأيام سعيدة، ولكن هل جلسنا مع أنفسنا لحظات قليلة، وسألنا هل استطعنا تغيير أنفسنا إلى الأفضل، هل تغيرت أشياء وسلوكيات فينا؟ هل ازددنا إيماناً ويقيناً، هل تحسنت علاقاتنا بالآخرين؟ هل أكثرنا من زيارة الأرحام؟ هل سامحنا من أساء إلينا؟ هل نظفنا ألسنتنا من سوء الحديث؟ هل خلت قلوبنا من أي حقد وحسد لمن حولنا؟ هل عادت لنا صداقات قديمة نسيناها؟أسئلة كثيرة لا بد أن نسألها ونحاول الرد عليها وإجابتها ستكون أن رمضان قد أحدث فينا تغييراً، ولن نعود إلى ما كنا عليه من قبل.تلك الأسئلة لا بد من وجودها، لأننا للأسف، ونحن في رمضان، الشهر المبارك، شهر الرحمة والتكاتف والتعاون، هناك الكثير ممن حولنا، لم تكن لهم القدرة على إحداث أي تغيير في نفوسهم، التي ما زالت مليئة بالغضب والحقد والحسد للبعض، وما زالت الألسنة تلوك في سيرة الناس وتتبع عوراتهم، وما زالت تصرفاتنا مع من هم أقل منا مكانة ومنصباً وعملاً يشوبها التأفف والترفع، وما ظالت بيوتنا مغلقة في وجوه الكثير من الأرحام الذين نقطع العلاقات بيننا وبينهم.وما زلنا كما نحن على إسرافنا في الطعام والشراب في شهر رمضان، وزادت زياراتنا للحملات والمجمعات الاستهلاكية، لتكون النتيجة الأخيرة لكل من امتلأت به عربات المجمعات من بضائع وأطعمة، قد وصلت إلى صناديق القمامة وأعزكم الله، وأرهق رجال النظافة في نقل تلك الأكوام كل ليلة، فقد أصبح رمضان شهر الإسراف الممقوت والتبذير اللامعقول والمظاهر الزائفة التي تزيد عن حد العقل، وانتهت الحكمة التي من أجلها شرع الله تعالى هذا الصوم وهذه العبادة، فالإنفاق يرتفع إلى عشرات الأضعاف في هذا الشهر، ويأتي أحدنا بعد العيد وهو يشتكي ويئن من ضيق اليد، خاصة أن بعد العيد هناك مصاريف المدارس وغيرها.ألم يأن لنا نحن المسلمين الذين نسمع ونقرأ عن خطورة اللسان والقلب، وما قد يؤدي بنا إلى سوء المصير، إذا لم نحافظ عليهما في أنقى صورة وأطهر مظهر؟ألم يأن للبعض الذين ران على قلوبهم الحقد والحسد، وكره سعادة الآخرين، أن يزيلوا كل هذا، وبأقوى الوسائل التي علمنا إياها ديننا الحنيف؟ ألم يحاول بعضنا أن يغير نفسه حتى يغير الله ما في نفسه، فالإنسان هو الذي يعرف ما في نفسه، ويحاول أن يجلس ويفكر ويتدبر كيف يمكن أن يزيل كل ما علق بها من شوائب يسيئ إلى دينه ودنياه.نأمل أن نقابل أخاً يحتضننا بصدق وحب، ويبتسم في وجوهنا، دون أن ينتظر شيئاً منا، ونسعد أن نكون مع صديق يتذكرنا ولو برسالة في هاتف ويطلب منا أن نجتمع معاً على فنجان قهوة.نتمنى أن تكون هناك جلسة يغشاها رحمة وذكر الله تعالى ومناقشة أمور تهمنا في الدين والدنيا بعيدا عن القيل والقال، وبعيداً عن الحديث عن الماركات والمجوهرات والسفر، والطعام، الأمر الذي يحول تلك الجلسة إلى سوق ومزاد نعرض فيه ما لدينا من كل ما سبق.شهر رمضان أيام ويغادرنا، وسيعود مرة أخرى، ولكن نحن قد نعود أم لا، هذا هو الأمر الذي لا بد أن نستعد له، وكل عام وأنتم بخير.