28 أكتوبر 2025

تسجيل

ما تبقى من رمضان

20 يوليو 2014

أيام قليلة ونودع شهر رمضان الفضيل، امتلأت أسماعنا وأبصارنا بلياليه المبهرة، عشناه يوما بيوم، وليلة بليلة، وها هو يقارب على الوداع، كل حسب ما أودعنا فيه من أعمال، كان صوت رمضان مدويا في الآفاق، وشعائره بادية للعيان؛ فأحاديث الإذاعة عنه، وبرامج التلفزة فيه، وإضاءات المساجد في لياليه العظيمه، عاش المسلمون فيها أجمل اللحظات التي طربت فيها القلوب، وانشرحت الصدور، جاء رمضان الكريم ورحل بسرعة البرق بعد عام كامل من الانشغال بالدنيا وملذاتها. ليالي رمضان الذي لم يتبق منه سوى أيام قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة اغترف من اغترف من زاده فأخذ حظه وافيا منه، ومنهم من رأى الناس يغترفون وهو لا يزيد على أن ينظر إليهم، عباد رمضان ملأوا المساجد بحضورهم اليومي صلاة الجماعة، وواظبوا على قراءة القران، آملين أن يكون قد أيقظ قلوبهم وشحذ هممهم للعمل بما ينفعهم، واجتناب ما يضرهم. في رمضان حرص كثير من الناس على برِّ والدِيْهم، وإدخال السرور عليهم بمجالستهم ومنادمتهم، فرأوا من سرور والدِيْهم بهم ما غفلوا عنه من قبل بمشاغل الدنيا، ومنهم من وَصَل أقاربه فرأوا من فرحهم بهم ما لم يظنوه، فعلموا قدر تفريطهم سابقا في حق قرابتهم، وبعدهم عنهم، وقطيعتهم لهم. في رمضان وجد كثير من المتهجدين لذة صلاة الليل وقيامه، فعلموا أن سهرهم أول الليل ونصفه، ونومهم آخره قد حرمهم هذه اللذة العظيمة، في هذا الشهر انتشرت مظاهر الإحسان للخلق بتفطير الصائمين، وتلمس حاجات المعوزين، وإيتاء الزكاة الواجبة، وإتباعها بصدقة النافلة، وأحس الصائم بجوع إخوانه الفقراء، وعلم حاجتهم، ووجد لذة عظيمة في الإحسان إليهم، فطَعِموا حلاوة الاستغفار وقيام الليل، وقيمة الإحسان. بدأنا الآن العد التنازلي لليالي العشر الأواخر من رمضان ذات الفضائل العظيمة، كان يجتهد فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من اجتهاده في أول الشهر، وكان يعتكف فيها أي يمكث في المسجد لذكر الله ما يدل على مزيتها وفضلها‏، "إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله". في سورة الفجر أقسم الله بهذه الليالي المباركة، فقال عزوجل "والفجر، وليال عشر"، وهي على الصحيح: ليالي عشر رمضان، أو /عشر ذي الحجة/، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها، وفي الليالي العشر الأواخر يتحرى الصائمون ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. ما تبقى من ليال أفضل مما مضى، كان صلى الله عليه وسلم كان إذا دخلت العشر شد المئزر، وهذا قيل إنه كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن ترك النساء والاشتغال بهن. كان صلى الله عليه وسلم يحيي فيها الليل بالذكر والصلاة وقراءة القرآن وسائر القربات، ويجتهد في تحري ليلة القدر في هذه العشر، فعلينا أن نغتنم بقية الشهرفيما يقرِّبنا إلى الله والتزوُّد لآخرتنا. لست بواعظ لكم ولكن ما تعلمناه من مشايخنا ومن السلف الصالح، أن هذه الليالي العشر المتبقية من شهر رمضان، علينا أن نكثر فيها من الذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة، وأن نحاسب أنفسنا وننظر فيما قدمناه لآخرتنا، والله المستعان على ما نقول وسلامتكم