14 سبتمبر 2025

تسجيل

لم يصل عليهم أحد

20 يونيو 2022

أفزعتني عبارة «إذا لم تكن تمتلك واسطة لن يصلي عليك أحد»، قفزت إلى ذهني وأنا أتأمل أحوال الكثيرين من مدمني الحياة بشكلها وطبيعتها الإنسانية، وسر الوجود الذي جرفته المصالح والواسطة والتعصب العرقي والثقافي والديني على ما تبقى من أمل في الحب والحياة. الصلاة الدينية علاقة بين الفرد وخالقه، أما الصلاة الدنيوية فهي علاقة أفراد المجتمع فيما بينهم، إنها رحلة بحث شاقة عن المعنى الوجودي لهم كمجتمع، بعيداً عن التهميش أو الإقصاء، في مجتمعنا الصغير المتحاب. من لا يصلي عليهم أحد هم أولئك الذين لا يملكون واسطة، فيصبحون خارج صلاة المجتمع، أسمع أصواتهم في وطني صباح الخير وأراهم هنا وهناك ومناشدتهم المستمرة في تحسين أوضاعهم. هناك مجتمعات أكثر شراسة، حيث أولئك الذين لا يصلي عليهم المجتمع هم المختلفون دينياً أو عرقياً أو لوناً، فإذا كانت هذه سردية في وجه الألم المروع والرهيب الذي فجره الشك الوجودي وانعدام اليقين، فإن الأمر لدينا سردية في مقاومة مجتمع المظاهر والألقاب والزيف الاجتماعي. ويصبح الأمر أكثر صعوبة حينما توصد وتقفل الأبواب، تلك الأبواب التي كانت مفتوحة في السابق ويصبح الولوج والوصول إلى المسؤول أصعب من إيلاج الجمل في سم الخياط، والأدهى والأمَرّ حينما يوكل الأمر لنفر لم يعرفوا ولم يكابدوا مرارة العيش ولا ثقل المسؤولية لقلة تجربة أم لصغر سن. كانت صلاة المجتمع الدنيوية بما فيها من وصل وتحاب وعطف شاهداً كبيراً على قبول صلاته الدينية في المساجد، فكانت بركة الله واضحة ورحمته الواسعة دائماً أعظم بهاءً ونوراً، اليوم هناك تراجع كبير في أداء الصلاتين الدنيوية الاجتماعية والدينية الربانية بشكل ملحوظ، هناك من يصلي عليه المجتمع في الدنيا زيفاً، وليس له نصيب من الآخرة، وهناك من لا يصلي عليه المجتمع دنيوياً لكن الله عليه من المصلين، صلاة المجتمع هي وجدانه وعواطفه وإيمانه بإنسانيته، إذا ما اختلت هذه العناصر اختلت حركته الاجتماعية وسلوكياته الأخلاقية، وسيطرت عليه التراتبية والطبقية بأشكالها المختلفة فترتبك صلاته الدنيوية وبالتالي تختل وترتبك صلاته الدينية التي هي عمود إسلامه. صلاة المجتمعات الغربية الدنيوية على قدر كبير من الانتظام، لذلك يجد العربي المغترب راحة هناك على الرغم من عدم انتظام صلاتهم الدينية، أما عندنا فالارتباط وعدم الانتظام يشمل الصلاتين، حيث لا يمكن أن تحوز فضل الأخيرة وأنت لم تحز بعد فضل الأولى وهي أداء حقوق العباد وإنصاف البلاد.