13 سبتمبر 2025

تسجيل

الشركة التجارية ذات شريك وحيد

20 يونيو 2022

الأصل أن الذمة المالية للشخص لا يجوز تجزئتها، وتخصيص جانب منها لمشروع معين دون الجانب الآخر، كما أن قواعد الشراكة تقتضي المساهمة والاقتسام بين أكثر من شخص، ولا يستساغ الحديث عن شركة بوجود طرف واحد، لكن قانون الشركات التجارية أحدث ثورة على هذه القواعد، وجاء بمفهوم جديد للشركة التجارية سمح من خلاله بإنشاء شركة تجارية مؤلفة من شخص واحد تكون مسؤوليته محدودة في نصيبه من رأسمالها. ويعتبر الشكل القانوني الوحيد للشركة التجارية التي يجوز إنشاؤها من قبل شخص واحد هي الشركة ذات المسؤولية المحدودة، والتي عرفتها المادة 228 من قانون الشركات التجارية كما يلي: "الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي الشركة التي تتألف من شخص واحد أو أكثر، ولا يزيد عدد الشركاء فيها على خمسين شخصا. ولا يسأل أي شريك إلا بقدر حصته في رأس المال، ولا تكون حصص الشركاء فيها أوراقا مالية قابلة للتداول". وهكذا نصت المادة 228 من قانون الشركات المذكور على أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي الشركة التي تنشأ بوجود شخص واحد أو أكثر ولا يزيد عدد الشركاء فيها على خمسين شخصا. وبهذا المعنى يكون مسموحا للأفراد أن يؤسسوا شركات تجارية بين شخص أو أكثر أو من قبل شخص واحد بشكل قانوني محدد، وهو الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وعليه يكون ليس من الضروري تواجد شريكين أو أكثر من أجل تنفيذ مشروع تجاري في إطار شركة، بل يحق للفرد الواحد أن يخصص جزءا من ذمته المالية ويستثمره في إطار شخص معنوي جديد مستقل عن شخصيته، وتكون له ذمة مالية واسم مختلفان عن اسمه وذمته المالية. ومن الملاحظ أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة أصبحت الشكل القانوني المفضل لأصحاب المشاريع من أجل الاستثمار، لأنها الكيان الأكثر مرونة والأقل مخاطر من حيث المسؤولية الشخصية، خصوصا وأنها لا تلزم وجود شريك آخر لاقتسام الأرباح والخسائر، كما أنها تعطي هامشا من الحماية من تكبد الخسائر على المستوى الشخصي وتجاوز حدود النصيب في رأس المال. لكن ذلك لا يعني أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد عبارة عن ملاذ للاستثمار والمغامرة غير المحسوبة، والتهرب من المسؤولية عن الأفعال الضارة بأموال الشركة، بل هي إطار قانوني الهدف منه تحقيق المرونة في التعامل مع المستثمرين وتشجيعهم على خلق المشاريع المثمرة، مع السماح لهم بالفصل بين الأنشطة التجارية التي يمارسونها، وتنظيم كل نشاط باستقلال عن الآخر من حيث الاسم والذمة المالية تفاديا للخلط بين الحسابات المالية والتنظيمية لكل نشاط تجاري، ولكي لا يصبح أي نشاط تابعا للآخر ومهددا بالمخاطر التي قد تؤثر فيه. ونشير أيضا إلى أن قانون الشركات التجارية لم يترك أمر المسؤولية المحدودة مطلقا، بل قيد ذلك بانتظام مالك الشركة في الإدارة وعدم الإضرار بأموالها وإلا أصبح مسؤولا مسؤولية تضامنية عن تصرفاتها أمام الأغيار، وعليه إذا قام مالك رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد بتصفيتها أو وقف نشاطها بسوء نية قبل انتهاء مدتها أو قبل تحقيق الغرض من إنشائها، إذا لم يفصل بين مصلحته الشخصية ومصلحة الشركة أصبح مسؤولا عن التزاماتها في أمواله الشخصية، وكذلك إذا تعامل مع الأغيار باسم الشركة دون إضافة عبارة ذات مسؤولية محدودة إلى جانب اسم الشركة اعتبر مسؤولا عن جميع التزاماتها دون إمكانية التمسك بحدود المسؤولية في نصيبه من رأس مالها.