11 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); العَلاَّمَةُ، وَجِيْه الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ المُبَارَكُ بنُ المُبَارَكِ ابنِ أَبِي الأَزْهَرِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي السَّعَادَاتِ الوَاسِطِيُّ، النَّحْوِيُّ، الضَّرِيْرُ. حفظ القُرْآن، وَتَلاَ بِالرِّوَايَات عَلَى جَمَاعَة. قَدِمَ بَغْدَادَ شَابّاً، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيّ، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ الخَشَّابِ، وَلزمه فِي العَرَبِيَّة. وقرَأَ الأَدب عَلَى أَبِي سَعِيْدٍ نَصْر بن مُحَمَّدٍ المُؤَدِّب، وَقرَأَ جُمْلَةً مِنْ كُتُب النَّحْو وَاللُّغَة وَالشّعر عَلَى أَبِي البَرَكَاتِ الأَنْبَارِيّ مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ يَحْفَظ فِي كُلِّ يَوْم كُرَّاساً فِي النَّحْوِ وَيَفهمه وَيُطَارح فِيْهِ، حَتَّى بَرَعَ، وَكَانَ يَتردَّد إِلَى مَنَازِل الصُدُوْر لإِقْرَاء الأَدب.كَانَ شَدِيد الذّكَاء، ثَاقب الفَهم، كَثِيْر المَحْفُوْظ، َيَتكلَّم بِالتّركيَّة وَالفَارِسيَّة وَالرومِيَّة وَالأَرْمَنِيَّة وَالحَبَشِيَّة وَالهنديَّة وَالزّنجيَّة بكَلاَمفَصيح عِنْد أَهْل ذَلِكَ اللِّسَان، مُضطلعًا بعلُوْم كَثِيْرَة مثل: النَّحْو، وَاللُّغَة، وَالتّصرِيف، وَالعروض، وَمعَانِي الشّعر، وَالتَّفْسِيْر، وَيَعْرِف الفِقْه وَالطِّبّ وَعلم النُّجُوْم وَعُلُوْم الأَوَائِل.َكما كان مُتَوَاضِعاً، دَيِّناً، صَالِحاً، كَثِيْر الصَّدَقَة، متفقّداً لِلْفُقَرَاء وَالطّلبَة؛ تَفَقَّهَ أَوَّلاً لأَبِي حَنِيْفَةَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ شَافِعِيّاً بَعْد عُلُوِّ سنّه، وَوَلِيَ تدرِيس النَّحْو بِالنّظَامِيَّة، إِلَى أَنْ مَاتَ.التزم الوجيه سماحة الأخلاق وسعة الصدر فكان لا يغضب من شيء، ولم يُرَ من أحدٍ قطّ حَرْدَان، وشاع ذلك عنه وبلغ ذلك بعض الخلفاء، فقِيل له: ليس له من يغضبه، وخاطروه على أن يغضبه فجاءه فسلّم عليه ثم سأله عن مسألة نحوية، فأجابه الشيخ بأحسن جواب ودلّه على محجة الصواب، فقال له:أخطأت، فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب وسهّل طريقته وبيّن له حقيقته، فقال له: أخطأت أيها الشيخ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ويهتدى بك في العلوم، وهذا مبلغ معرفتك، فلاطفه وقال له: يا بنيّ لعلك لم تفهم الجواب، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبْيَن من الأول فعلت، قال له: كذبت لقد فهمت ما قلت، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم، فقال له الشيخ وهو يضحك: قد عرفت مرادك، ووقفت على مقصودك، وما أراك إلا وقد غُلِبْتَ، فأدِّ ما بايعت عليه فلستَ بالذي تغضبني أبدًا.وبعد يا بنيّ فقد قيل إن بقّة جلست على ظهر فِيل، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران، فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست فكيف أستمسك إذا أنت طرت؟! كان مَوْلِدُهُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَسِتّ مائَةٍ يرحمه الله.