15 سبتمبر 2025

تسجيل

هل يصبح الإنسان العربي إنسانا آليا؟

20 يونيو 2015

تختلف الحياة الإنسانية التي يعيشها الإنسان العربي حاليا في أشكالها ومظاهرها من زمن لآخر، ومن منطقة جغرافية لأخرى، مع أنها تحتفظ بحقيقتها وجوهرها مهما تتعاقب السنون، ومهما تتوالَ الأزمنة، ومهما تتقاطع الظواهر الاجتماعية العامة،وأساس جوهر الحياة السوية للإنسان هو : "التوازن بين الشكل والجوهر" وذلك التوازن يتمثل في التوافق بين شكل الإنسان ومضمونه من خلال مجموع العمليات الفكرية التي تعتمل في ذات الإنسان وانعكاس تلك العمليات الذهنية والعقلية على السلوكيات والتفاعلات اليومية للأفراد والشعوب والأمم.وتزداد المسألة تعقدا أو وضوحا إذا أخذنا في الاعتبار درجة النمو الفكري والثقافي وارتقاء مستوى الوعي الفردي والجماعي للإنسان.وإذا أخذنا في الاعتبار أيضًا طبيعة الاعتقاد الروحي الذي يحكم أو يشكل طبيعة التفكير وجوهر العمليات العقلية للإنسان المتزن بين مسألة الشكل والمحتوى.. فإن مظاهر مرضية عديدة تبرز للعيان بين الفترة والأخرى وتصبح أكثر تأثيرا في جميع الأفراد ذوي الوعي والاعتقاد البسيط أو أولئك الذين تأثروا بلوثات ثقافية أدت إلى تبنيهم مظاهر ثقافية وسلوكية استلابية داخلة عبر الوسائل المادية المتعددة .ويظهر الصراع بين ما هو روحي وما هو مادي بوضوح في تلك الوسائل ذات التأثير غير المباشر بالمناهج التعليمية ومقررات الكليات والجامعات التي استظهرها الكثير من الشباب أثناء دراساتهم العلمية في مجتمعات غير مجتمعاتهم، طريقا أو أسلوبا لتوطين رؤى وأفكار وسلوكيات تغريبية تحقق أهدافا متأتية لثقافات الغير.إن طغيان الجانب المادي "المظهري" من الحياة الإنسانية وسيطرته على فكر وسلوكيات الأفراد في المجتمع يعد سمة بارزة في الحياة ومظاهرها المختلفة، مع اتجاه إنسان اليوم بكل مشاعره إلى الظهور المادي مما أحدث انفصالا وانفصاما كاملين في الذات الفردية للإنسان العربي في المجتمع. ويزيد من تعمق تلك المشكلة القفزات المادية التقنية التي حققها الإنسان في فترات وجيزة "الثورة التقنية العارمة" والتي ميزت الحياة الإنسانية بعد الحربين الكونيتين والتي اندلعت في مجالات عديدة إنتهاء بثورة المعلومات ودخول الإنسان في ما يبثه "الإنترنت" المزدحم بمليارات المعلومات بلا حدود ولا تأشيرات دخول ولا جوازات سفر ولا بوابات عارضة معيقة.الأمر الذي يجعل الثقافات المحلية والقومية أمام تحد فعلي وحقيقي ينذر بأخطار حقيقية على الإنسان. واعتقاداته ثابتة راسخة الآن تواجه التحدي المادي المظهري.إن دعاوى الاعتقاد المادي العالمي. والديانة المادية العالمية التي ينادي بها الدعاة النشطون والمتسترون بالعلم والتكنولوجيا والتقدم. ما هي إلا دعاوى باطلة يراد بها ابتعاد إنسان اليوم وشباب اليوم عن الاعتقاد القيمي الحقيقي وتلك بكل تأكيد: مؤامرة حقيقية على القيم والمثل والمبادئ الخالدة التي تؤكدها الديانات السماوية وآخرها "القرآن الكريم".إن روح الإسلام ستظل تقاوم هذا المد الإلحادي المادي برغم استناده على العلم والتكنولوجيا مع ضرورة تأكيد أن الإسلام الحقيقي لا يتعارض مع العلم. العلم الذي يخدم البشرية ويعمل على تذليل الصعوبات التي تواجهها ويصنع لها الغد المنشود لتحيا في ظلال الأمن والحرية والاستقرار وتكون سعادة الإنسان الغاية والهدف المنشود الذي يسعى إليه.