14 سبتمبر 2025

تسجيل

عاشق الـورد (2-2)

20 يونيو 2015

إن الله أعز وأسمى من أن يجعل وجوده قضية تحتمل القيل والقال، وإذا كان في البشر عميان لا يحسون مجده، ولا يشكرون رفده فهم أنزل رتبة من أن يُنصب لهم منبر.(إن الذين كفروا يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ماهم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير).ترى لماذا يتناسى الناس آثار القدرة العليا وصنع الله الذي أتقن كل شيء ليس بشراً أو ملكا دخل في الإحياء والإماتة والإخصاب والإجداب إلا بإذن الله فليس لشيء في الأرض أو السماء وجود من ذاته، فافتقار العالم حقيقة أزلية كوحدانية الله سبحانه أزلية أبدية.سيبقى الناس ما داموا يتخلقون أجنة في بطون أمهاتهم سيبقون شاخصين لمن صورهم فأحسن صورهم ثم أحياهم، سيبقون شاخصين شخوص العبد لسيده الذي أضفى عليه الحياة ومنحه الوجود (هو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم...)قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لابنه: يابني لو كان لربك شريك لأرسل هذا الشريك رسولاً من قبله يعرف به ويبلغ عنه، ما له أبكم لا يتكلم.ليس من المعقول أن يجهل ربنا شؤون ما خلق ومن خلق (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)إن عقيدة التوحيد ليست مبدأ نظرياً زانه الصدق فقط إنه منهج حياة واسعة.إن العقيدة أصل هائل لكل نهضة وإذا أفلح الاستعمار ومن خلفه لتكملة دوره في توهين عقيدة التوحيد مع بقاء العقائد الأخرى تسيرّ أصحابها- بغض النظر عن نصيبها من الحق والبطلان- فمعنى ذلك أنه دوخ نهضتنا وأشل حركتنا لا بل أوقف دولابها وسود مستقبلها.لقد علم الله أن الضلال لا يقف سلبياً جامداً، أنما هو ذو طبيعة شريرة فلابد أن يعتدي ويحاول إضلال المهتدين ويحارب الاستقامة (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) (ودوا ماعنتم) فالوحدانية التي يريدها الإسلام والتي لا مجال فيها لأي انحراف أو لبس هي أن يكون اتجاه الخلائق إلى الله وحده بالعبودية والعبادة، فلا يكون الإنسان عبداً إلا لله ولا يتجه بالعبادة إلا لله، فالربوبية الشاملة هي المطلقة هي إحدى كليات العقيدة الإسلامية فالله هو الرب المتصرف في كونه المخلوق بالإصلاح فيرعاه ويربيه، فالصلة بين الخالق والمخلوق دائمة ممتدة قائمة، ومن ثم كان التوحيد الكامل الخالص المجرد من الأرباب في الأرض أو السماء هو قاعدة التصور التي لا ينفك الإسلام يجلوها في الضمير ويتتبعها في كل هاجسة وكل شائبة حول التوحيد.وقد أعلن عن ذاته سبحانه عن توحيد ألوهيته وربوبيته في أكثر من موطن من كتابه العزيز، وعلى لسان رسله وسائر مخلوقاته فـ (الله أحد) تصريح بتوحيد الألوهية إذ لا معبود في الكون إلا الله (الله الصمد) إعلان بتوحيد الربوبية إذ أن لسان الكون يقول: لا خالق إلا الله وتوحيد القيومية فلا قائم ولا مدبر ولا مؤثر في هذا الوجود إلا الله لذلك جاء في التنزيل الحكيم (وإنْ من شيء إلا يسبح بحمده)اسمع أخي أختي هذه الخاطرة لسعيد النورسي " رحمه الله":لقد انتخب من كل نوع من الأنواع بلبلاً خطيباً يعبر عن طائفته، وفي مقدمة أولئك الخطباء البلبل العاشق للورد الذي يعلن عن حاجات طائفة الحيوانات البالغة حد العشق إزاء قافلة النباتات الآتية من خزينة الرحمة الإلهية والحاملة لأرزاق الحيوانات، تعلنها هذه البلابل بنغماتها الرقيقة على رؤوس أجمل النباتات تعبيراً عن حسن الاستقبال المفعم بالتسبيح والتهليل.فسبحان الله من جعل حديقة أرضه مشهر صنعته ، فحشد خلقته، مظهر قدرته، مدار حكمته، مزهر رحمته، مزرع جنته، ممر المخلوقات، مسيل الموجودات مكيل المصنوعات، مزين الحيوانات، منقش الطيور، مثمر الشجرات، مزهر النباتات معجزات علمه، خوارق صنعه، هدايا جوده، شواهد رحمته.فيا عجباً كيف يعصي الإله أم كيـف يجحده الجاحدولله فـي كـل تحـريكه وفـي كل تسكينة شاهدوفي كـل شيء لـه آية تدل علـى أنـهُ الواحدُوآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين