23 سبتمبر 2025
تسجيليا قدس يا سيدتي،، معذرة فليس لي يدان،، وليس لي أسلحة،، وليس لي ميدان،، كل الذي أملكه لسان،، واقع يجسده الشاعر أحمد مطر معتذرا للقدس عما ألمّ بها، اليوم يزداد ألمنا وبكاؤنا، فواقع القدس أشد مرارة، وأشّد قهرا، فلا القدس لنا ولا الأرض لنا،، فنحن اليوم لا نملك حتى اللسان بالتنديد أو الاستنكار، فالتطبيع العربي والهرولة العربية مع الصهيونية المحتلة ديدن بعض القادة العرب، واللتان أصبحتا أكثر شيوعا وعلنا مع الأزمة الخليجية بلا احترام للمشاعر الفلسطينية التي تواجه الممارسات الصهيونية اليومية بشتى أنواعها القذرة،، وقد كشفت قمة اسطنبول الاستثنائية الغطاء عن ذلك، في غياب بعض الزعماء العالمين الإسلامي والعربي،، صمت عربّي وترحيب عربيّ وتأييد عربيّ بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي بتوقيع رسميّ من ترامب ليحقق هذا التاريخ المشروع الأمريكي اليهودي الذي يعود تاريخه إلى 22 عاما، ها هي الأمنية قد تحققت وأعلن عنها ترامب المتهور بجرة قلم دون اعتبار للتحذيرات العربية والغربية، ودون إدراك ما يشكله هذا الإعلان من هدر للحقوق العربية والفلسطينية مسلمين ومسيحيين، وما تشكله هذه الخطوة من انتهاك للقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد أن القدس جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967،، ليقضي على حلم الملايين من الفلسطينين المتمسكين بالمدينة المقدسّة عاصمة لهم،، ليقضي على ما نردّده على لساننا القدس لنا والأرض لنا،، لم يكترث، ولم يستشعر الغضب الفلسطيني، لم يحترم قُدسيّة المسلمين، لم تحرك مشاعره دمعة طفل،، وآهات شيخ،، وبكاء امرأة مكمومة قيد أنملة، ولكن هذا الاستعلاء الأمريكي والتصرف "الترامبي" الصلف ما كان يحدث لولا وجود بعض الحكومات العربية المتواطئة معه ومع الكيان الإسرائيلي، وتأييدها نقل سفارة واشنطن إلى القدس المحتلة، والتي مع الأسف تنازلت عن عروبتها وقضيتها من أجل مصالحها الخاصة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية بلد الحرمين الشريفين من أجل إرضاء أمريكا وإسرائيل، لتزداد فلسطين جرحا على جروحها النازفة في زمن لم تجد من يضمدها، وتتوسع المستوطنات اليهودية في الامتداد دون أن تجد من يوقفها، فهذا وزير خارجية البحرين يجدد اعترافه بالكيان الإسرائيلي كدعم تاريخي حين قال في إحدى تغريداته بأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها بتدمير مصادر الخطر، وخلال زيارته للبيت الأبيض أكد الرئيس المصري "السيسي" خلال لقائه مع "ترامب" قائلا سنقف بشدة بجانب الحلول التي ستطرح لحل قضية القرن في صفقة القرن، وأنا متأكد من أن ترامب سيتمكن من إنجازها "فكان رد ترامب قويا "بالفعل سنفعلها" وبدأ ترامب التنفيذ وكأنه ينتظر الجرس العربي ليدق بالإعلان عن الموافقة،، في الوقت الذي قطعت قناة mbc الإعلان التليفزيوني الذي أنتجته مجموعة "زين الكويتية للاتصالات" تتبنى فيها رسالة سياسية وإنسانية على لسان طفل يرفض نقل السفارة الأمريكية إلى القدس راويا المعاناة، مخاطباً ترامب "بقوله: "سيدي الرئيس رمضان كريم .. وأنت مدعو إلى الإفطار". وترديد عبارة "سنُفطر في القدس عاصمة فلسطين" لتؤكد القناة NBC الهرولة العربية الإسرائيلية. .. آه يا مدينة القدس ويا مدينة السلام ويا من سرى على أرضك الطاهرة أفضل الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، اليوم جروحك تنزف، وأرضك ترتوي بالدماء، العشرات من الشهداء العزّل المتظاهرون يتساقطون، وآلاف من الجرحى تنزف أجسادهم منذ الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل، فهل حرّك ذلك الإحساس العربي بالغضب والتنديد والاستنكار! هل تم استدعاء السفراء العرب من واشنطن! هل قطعت الدول العربية علاقاتها السياسية مع واشنطن! هل تم سحب سفراء إسرائيل من الدول التي تربط بينهما علاقات دبلوماسية! هذه الأسئلة تدور في أفكارنا مع المشروع الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس، والتي تجرَّأ ترامب من خلالها على قتل السلام المشلول الذي سوقَت له أمريكا كثيرا عبر الأزمان الماضية، ولم يتجرأ من سبقه من أسلافه الرؤساء بالتنفيذ، والإجابة على الأسئلة بالنفي؛ لأن القضية الفلسطينية غائبة من الأجندة العربية، ولم تعد تشكل أهمية للمناقشة والحوار بالنسبة لأغلب الحكومات العربية. التي لديها أجندات أخرى ولعل أبرزها مواجهة ايران، خاصة بعد انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي لتحقيق الحلم الآخر لأمريكا، في تغذية مصلحتها، كما هو همّها في محاربة أبناء جلدتها للاستيلاء على مقدراتهم الاقتصادية والمالية، والأزمة الخليجية في حصار قطر نموذج للصراعات العربية العربية، والتي معها ضاعت القضية الفلسطينية من اهتمامهم، فردود الأفعال العربية والإسلامية لم تكن بمستوى الحدث رغم فداحته، ما عدا الموقف الذي اتخذته تركيا ضد مشروع تهويد القدس. … عيون "فيروز" وهي تجول بين أروقة القدس وشوارعها العتيقة هي عيون الملايين من الفلسطينيين والعرب الذين يتوقون شوقاً وتَعطشًا إلى زيارة هذه المدينة الطاهرة والصلاة في مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ويمسحون الحزن عن مساجدها. دون سماع دوّي المدافع والزناجير اليهودية، نرحل معها كل يوم بكلماتها الشجية، ونردّد لحنها لطمأنة نفوس تاقت إليها، ونقول حتماً ستكون القدس لنا وإن طال المزار، ونرفع لافتات كتب عليها "القدس لنا" كما يرفعها اليوم أبناء وأطفال بيت المقدس مع الإعلان عن مشروع نقل سفارة واشنطن للقدس، وستكون القدس عاصمة لفلسطين، "كما يكتبها رب الأمنيات بين ليت وآمين".