11 سبتمبر 2025

تسجيل

سياسات الاستدامة في المنطقة العربية 

20 مايو 2018

40 % من الموارد الطبيعية تستغل سنوياً  تشكل الاستدامة حجر الزاوية في الاقتصاد الأخضر الباحث عن توفير أكبر قدر من مكونات البيئة للأجيال القادمة، بما يتناغم مع الأنظمة الاقتصادية والمالية العالمية المعمول بها، والتي ترسم ملامح الغد من خلال تطوير السياسات الحالية. ومع تفاقم الأزمات المالية، وزيادة حدة الاضطرابات والصراعات السياسية في العالم، وتأثر البيئة ومقدراتها بشكل ملحوظ بالكثير من التلوث والأمراض والكوارث، اتجهت الأنظمة الاقتصادية الحالية إلى ابتكار نظم أكثر أماناً للمستقبل، وسعت لترسيخ مفهوم الاستدامة في قطاعات مهمة. تعني الاستدامة بالحفاظ على البيئة أطول فترة ممكنة، وحمايتها من استخدامات البشر المضرة، وخاصة نواتج الصناعة والتجارة والرعي والزراعة، إضافة إلى الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وغيرها. وتعني أيضاً بالمفهوم العلمي التجارة والتقنية والبيئة التي تهدف لتقليل انبعاثات الكربون، واكتشاف تقنيات جديدة لمواجهة الظواهر السلبية، وهي تعتمد بدورها على سياسات مطورة في العلوم والاقتصاد والمال. تشير البيانات الدولية إلى أنّ 40% من الموارد الطبيعية تستغل سنوياً، والكثير منها يهدر بدون استخدامات آمنة، وخاصة المياه والطاقة الشمسية والرياح والاحترار والأمواج. ونظراً لزيادة استغلال البيئة بصورة خاطئة، وباتت الموارد الطبيعية آخذة  في التناقص، فإنّ مفهوم الاستدامة برز ليكون حلاً اقتصادياً طويل الأمد. فقد سعت الدول لإنفاق أكثر من 200 بليون دولار في استثمارات متنوعة للطاقة النظيفة، بهدف إنهاء معاناة السكان من الأمراض والجوع والفقر والهجرة وأضرار الحروب والتشرد والنزاعات. ويرى خبراء الاقتصاد أنّ تنظيم العلاقة بين العلوم الحديثة والبيئة لسد الفجوة، وتوفير مصادر فعلية للطاقة المتجددة، وتهيئة أرضية ملائمة من الموازنة المالية لتنفيذ مشروعات تنموية تواكب مفهوم الاستدامة، وكذلك إعداد كوادر مؤهلة ترسم استراتيجيات مستقبلية. فالاستدامة لم تعد مفهوماً كالسابق، وتحولت إلى رؤية عملية تسعى لتنفيذ سياسات جديدة، منها توفير بيئة نظيفة، والتركيز على إعداد صناعات نوعية، وتوفير موازنات مالية يتم انفاقها في أوجه مناسبة، واعتماد مستويات تعليمية متقدمة، ومحاولة التخلص من التأثيرات السلبية للصناعة عن طريق اتفاق عالمي يحد من أضرار التلوث والعوادم والنفايات. في المنطقة العربية بدأت جهود تحقيق الاستدامة بخطوات مدروسة وإن كانت تسير ببطء، إلا أنها تأخذ طريقها نحو الهدف، وما يعرقل تلك المبادرات قلة الموازنات المالية التي تنفقها الدول لتحقيق ذلك، لأنّ عدم الاستقرار السياسي كان عاملاً في تأخير جهود التنمية المستدامة. والمتابع للوضع الراهن في المنطقة العربية يتبين له مدى تأثر السياسات التنموية بحالة عدم الثبات، والكثير منها يسعى لإعادة النظر في البرامج التنموية التي كانت موجودة، وهذا يحتاج لجهد طويل.