11 سبتمبر 2025

تسجيل

المركزي الأمريكي يؤجل رفع أسعار الفائدة

20 مايو 2015

أظهرت أحدث البيانات والمؤشرات الاقتصادية الأمريكية تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وانخفاض كل من التضخم وإجمالي الناتج المحلي خاصة في الربع الأول من العام الجاري، وهو الأمر الذي دفع مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) إلى التلميح في نهاية اجتماعه الأخير الذي عقد الأسبوع الماضي بالتفكير الجدي في إمكانية تأجيل قراره المرتقب بشأن رفع أسعار الفائدة لعدة أشهر مقبلة، يواصل خلالها تطبيق برنامجه الخاص بالتحفيز المالي. ويرى الكثير من الخبراء والمتخصصين أن قلق البنك المركزي فيما يتعلق بتباطؤ الاقتصاد وانخفض معدل النمو، إنما يرجع لعاملين أساسيين أحدهما داخلي والآخر خارجي، حيث يتمثل العامل الداخلي في ضعف استعداد الشركات الأمريكية في تحمل درجات عالية من المخاطر الاقتصادية وبصفة خاصة ما يرتبط منها بالاستثمار في الطاقات الإنتاجية والمعدات الجديدة، وذلك على عكس استعدادهم المتزايد لتحمل درجات عالية من المخاطر المرتبطة بالبورصات وأسواق المال.ويضاف إلى العامل الداخلي كذلك تردد المستهلكين في إنفاق ما تحقق لهم من وفورات بسبب انخفاض أسعار النفط على بقية السلع والخدمات الأخرى ومن ثم عدم تنشيط أو زيادة حجم وقيمة الطلب الداخلي، وذلك في ضوء تضرر وانخفاض قيمة صادرات البلاد من جراء ارتفاع قيمة الدولار اعتباراً من شهر يوليو الماضي وحتى الآن، كما واكب ذلك بعضاً من عوامل أخرى مؤقتة كان لها تأثير سلبي على الأوضاع الاقتصادية الأمريكية كسوء الأحوال الجوية وغلق عدد من الموانئ.أما العامل الثاني والمتمثل في العامل الخارجي والذي يعد الأكثر تقلباً، باعتبار أن الظروف الاقتصادية غير المستقرة عادة ما تصاحبها اتجاهات جيوسياسية شديدة المخاطر، ومن أهم الأمثلة على ذلك المخاطر الأوروبية في مواجهة الأزمة اليونانية في أعقاب انتخابات حكومة اشتراكية جديدة غير راغبة في استكمال برامج الإصلاح والتقشف المالي المفروضة عليها من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وعدم سدادها ما عليها من التزامات وديون تجاههما، ومن الأمثلة الأخرى عدم تنفيذ الحكومة اليابانية الحالية برئاسة شينزو آبي لخطوات الإصلاح الهيكلي في إطار برامجها المعلنة للتعافي الاقتصادي للبلاد، بالإضافة إلى ذلك فإن دول الاقتصادات الناشئة وفي مقدمتها الصين لم تعد قادرة على مواصلة دورها الريادي كمحرك أساسي للاقتصاد العالمي.وفي ضوء ما سبق فإن الكثير من الخبراء يجدون صعوبة كبرى في إمكانية تحديد موعد ثابت لرفع السلطات النقدية الأمريكية لأسعار الفائدة المنخفضة جداً والمتجمدة منذ سنوات عدة، حيث يرى البعض إمكانية رفعها في شهر يونيو المقبل "وإن كنت شخصياً أراه أمراً مستبعداً في ظل الظروف والمؤشرات الراهنة"، ويرى البعض الآخر أن التوقيت الأكثر احتمالاً وملائمة هو شهر سبتمبر المقبل، وهو أيضاً احتمال غير مؤكد، فيما يرى فريق ثالث من الخبراء أن التاريخ المرجح لرفع السلطات النقدية الأمريكية لسعر الفائدة سيكون في أواخر هذا العام، وإن كنت أرى أن الأمر المؤكد في مسألة رفع أسعار الفائدة من عدمه سوف يعتمد على البيانات والمؤشرات المتحققة بالفعل خلال الأسابيع والشهور المقبلة.هذا ويتخوف الكثيرون من حدوث ارتفاعات كبيرة ومفاجئة وسريعة لأسعار الفائدة في أعقاب رفع السلطات النقدية الأمريكية للفائدة في المرة الأولى بعد انتهاء الفترة الاستثنائية الطويلة التي ظلت خلالها أسعار الفائدة منخفضة جداً، وهو الأمر الذي أجبر مجلس إدارة البنك المركزي الأمريكي إلى المزيد من التعقل والتروي قبل رفعه لأسعار الفائدة، وذلك في ضوء انخفاض حجم الطلب الداخلي الذي يعمل بدوره على إعاقة التعافي الاقتصادي الذي كان من الممكن تحقيقه، والذي يمكن أن يؤثر كذلك على قيمة الناتج المحلي للبلاد، مع إدراك البنك المركزي الأمريكي أن تشدد السياسات النقدية سوف يؤدي إلى تحمل الكثير من المخاطر التي يمكن أن تكون ضارة جداً في ظل غياب أو ضعف نمو اقتصادي إيجابي وفعال.لذا فإن على البنك المركزي الأمريكي بذل المزيد من الجهد لإقناع الأسواق سواءً الداخلية منها أو الخارجية خاصة في دول الاقتصادات الناشئة بأن رفع أسعار الفائدة سيكون بطيئاً جداً وبنسب منخفضة وتخضع لعمليات تصحيح للمسار، ومن ثم فإن عليه العمل بقوة وحسم على مواجهة السلوك الاعتيادي للأسواق في تسعير الفائدة، وذلك في ظل متغير جديد فرض نفسه داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها، وقد تمثل هذا المتغير في إشادة العديد من المؤسسات المالية الدولية بوضع الاقتصاد الأمريكي وسرعة تعافيه وقدرته على خلق آلاف فرص العمل وتحسن غالبية مؤشرات البلاد الاقتصادية وانخفاض معدلات البطالة بشكل إيجابي خاصة بين الشباب، ومواكباً لكل ذلك ارتفاع معدل النمو الاقتصادي الذي من المتوقع بلوغه هذا العام أكثر من 3%.