15 سبتمبر 2025
تسجيلأيُّ متصفح لصحف الصباح لن تخونه قدرته على تمييز النجاحات التي تحققها الشركات القطرية بملاءتها المالية العالية، وبما تحصده من جوائز وميداليات، أو بتربع بعضها على الواجهات الإعلامية لحيازتها لأعلى تصنيفات الجودة والأداء!! كل ذلك مفرح وجميل.. ولكن.. فقد صدمت لمحصلة دراسة صدرت عن شركة إي إم سي المتخصصة في القطاع المالي (رمزها في بورصة نيويورك EMC) والتي أشارت إلى أن غالبية مؤسسات القطاع المالي تعاني أعطالاً خطيرة، في نُظمها المعلوماتية، فقد فقدت ثلثي بياناتها خلال عام واحد بسبب تعرضها لاختراقات أمنية، وفشلت أجهزتها في توفير الحماية الكاملة للبيانات، وباتت نسبة 70 % من الشركات، ليست واثقة من قدرتها على استرداد بياناتها المخزنة، بعد توقف النظم المعلوماتية لديها عن العمل.. وعزت الدراسة هذه الفاجعة الإدارية الكبرى لتراجع إنتاجية الموظفين، وضعف التدريب والتأهيل.. إلخ، وان 36 % فقط من الشركات تستخدم تقنيات التخزين المرتكزة على الأقراص الصلبة الأكثر أماناً، والباقي يستخدم أدوات تخزين عفى عليها الزمن، وهي غير كفء بما يمكنها استرجاع المعلومات المهمة، إن تعرضت لأي خروقات أمنية.. لذلك فإن غالبية مؤسسات القطاع العام في قطر، هي الأكثر احتمالاً لفقدان ثقة العملاء وتدحرج حظوظها في قائمة التصنيفات العالمية وحصد الجوائز.. أن تصل نسبة الشركات غير الواثقة من قدرتها على استرداد نظمها وبياناتها المفقودة بشكل كامل إلى 70 %، وأن 68 % من الشركات شهدت حالات لفقدان بيانات أو توقف النظم عن العمل في الاشهر الـ 12 الماضية، فان ذلك أمر مقلق، ويستوجب وقفة سريعة لتوفيق هذه الشركات لأوضاعها وأمن معلوماتها وحفظ بياناتها.. وكما يقال: "ما النار إلا من مستصغر الشرر". • وبحسب المؤتمر الصحفي الذي عقدته شركة إي إم سي بالدوحة بخصوص التعافي من الكوارث لعام 2012 الأربعاء الماضي، فإن 22 % فقط من الشركات المستطلعة في القطاع المالي، تعتقد أنها في الوقت الراهن لا تنفق ما يكفي على حلول النسخ الاحتياطي واسترداد البيانات. • إن مثل هذه الدراسة ما هي إلا ناقوس خطر كبير لا سيما وأن شركاتنا الوطنية يعول عليها الكثير لقيادة اقتصادنا الوطني بكفاءة عالية، وتطبيق رؤية التنمية الوطنية على أرض الواقع باحترافية، كما أن الدوحة تستضيف عشرات المؤتمرات السياسية والاقتصادية والإقليمية والعالمية والمناسبات الرياضية والثقافية، حيث ينبغي ان تعي الإدارات العليا في تلك المؤسسات المخاطر والانزلاقات المخيفة، التي ستترك تأثيرات سلبية على الإنتاجية والأداء، وتصيب عملاء ومساهمي الشركات بالإحباط، وتضر بالسمعة العالية التي اكتسبتها قطر نتاج جهد متصل خلال السنوات المنصرمة. • إن تقنية المعلومات تمثل حجر الزاوية لتطوير الأداء والإنتاجية والجودة وصقل قدرات العاملين، باعتبارهم رأس الرمح في البناء المؤسسي، كما أن العمليات التطويرية أساسها التدريب، ومزيدٌ من التفتيش والرقابة والشفافية. • والسؤال البديهي: أين إدارات المخاطر وضبط الجودة والتقييم؟ وأين الشركات الاستشارية التي أدخلت الأنظمة "العتيقة"؟ ولماذا تقاعست عن التنبيه للسلبيات وإدارة الكوارث؟.. بل أين الميزانيات المرصودة لتطوير الأنظمة وحماية البيانات؟.. ومن المسؤول عن هذه المفارقات التي تضخ الملايين للواجهات الإعلامية، وتتغاضى عن التحديث ومواكبة التطورات التقنية والتكنولوجيا الحديثة. • نأمل أن نجد إجابات شافية عما أثارته الدراسة، لضرورات حماية نظمنا المعلوماتية، خاصة أن الدارسة تشير إلى أن رفع كفاءة الموظفين وتأهيلهم، يمكن أن يشكل صمام أمان. همسة: ما قيمة حصد جوائز الجودة والتصنيفات العالمية إن لم تكن صمام أمان!!