12 سبتمبر 2025

تسجيل

ولسليمان الريح... كم كانت سرعتها؟

20 مارس 2024

ما من علم من علوم الدنيا إلا وتجد له إشارة في كتاب الله، وكثيرة هي الآيات التي تناولت مجالات العلوم المختلفة، وقد اجتهد المتقدمون والمتأخرون من علماء القرآن والسنة النبوية في تفسير آياته كلًا حسب ظروف زمانه ومكانه ومنظوره واجتهاده، وقد تركوا لنا إرثًا عظيمًا، وهنا نتساءل هل نحن بحاجة مستمرة لمراجعة هذا الإرث وتجديده؟، وكيف لنا أن نستثمر الثورة العلمية والمعلوماتية التي نشهدها في تجديد فهمنا لكتاب الله واستنباط علومه وتفسير آياته؟، وهل بإمكان اصحاب التخصصات العلمية كالطب والهندسة والفلك وعلم الاجتماع وغيرها من العلوم الحديثة، تسخير علومهم ومعارفهم، ضمن الأطر والضوابط الشرعية، لاستنباط ما قد يخفى على من يجهل هذه العلوم؟. عندما نقرأ القرآن الكريم تستوقفنا بعض الآيات فنبحث عن تفسيرها عبر صفحات الإنترنت ولا نعطي المجال للتفكر والتدبر وهذا خلاف ما أمر الله به حيث قال: ﴿ كِتَٰبٌ أَنزَلنَٰهُ إِلَيكَ مُبَٰرَك لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلبَٰبِ ﴾، ومن الآيات التي استوقفتني كما استوقفت الكثير ما جاء في قصة سيدنا سليمان عليه السلام في أكثر من موقع، وسيدنا سليمان هو أعظم ملك منذ الخليقة وإلى يوم الدين فقد اتاه الله ملكًا عظيمًا وسخر له الجن والشياطين والجبال والحديد والريح عاصفةً وعلمه منطق الطير. نقف هنا مع قوله تعالى (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ)، جاء في تفسير الطبري أن الغدو من أول النهار إلى منتصفه والرواح من منتصف النهار إلى الليل، أي أنه يقطع في اليوم الواحد مسيرة شهرين، هنا نستخدم قانون السرعة لنستنتج سرعة الريح التي سخرها الله لسيدنا سليمان عليه السلام، القانون يقول بأن السرعة تساوي المسافة على الزمن، فكم الزمن؟ وماهي المسافة؟. كانت القوافل قديمًا تسير من أول النهار الى آخره بمعدل عشر ساعات تقريبًا في اليوم وكانت القافلة تضم الراكب والماشي لذا كانت سرعتها لا تتجاوز سرعة الماشي وهي في حدود خمسة كيلومترات في الساعة، وهذا يعني أن القافلة تقطع في اليوم الواحد حوالي خمسين كيلومترًا، أي أنها تقطع في الشهر الف وخمسمائة كيلومترًا وهذه المسافة يقطعها سيدنا سليمان في غدوه ثم يقطع مثلها في رواحه أي انه يقطع مسافة ثلاثة آلاف كيلومترًا في اليوم الواحد، أو لنقل في العشر ساعات التي تسيرها القوافل في اليوم، وإذا ما طبقنا قانون السرعة نجد أن سرعة الريح المسخرة لسيدنا سليمان تساوي المسافة وهي ثلاثة آلاف كيلومتر على الزمن وهو عشر ساعات فتصبح السرعة ثلاثمائة كيلومتر في الساعة. وقد ذكر الطبري من حديث ابن بشار في تفسير قوله (غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) كان يغدو فيقيل في اصطخر، ثم يروح منها فيكون رواحه بكابل، وقد اجتهدت باستخدام الخرائط الإلكترونية لمعرفة المسافة بين مدينة تدمر التي بناها الجن لسيدنا سليمان في الشام ومدينة اصطخر الواقعة في بلاد فارس فوجدتها في حدود الف وخمسمائة كيلومتر، ووجدت نفس المسافة بين اصطخر ومدينة كابل في افغانستان وهذا يؤكد ما توصلنا اليه آنفًا من أن سرعة الريح المسخرة لسيدنا سليمان هي ثلاثمائة كيلومتر في الساعة، والله أعلى وأعلم.