19 سبتمبر 2025

تسجيل

يفدون إلينا وينتقصون لغتنا

20 مارس 2014

المواطنون القطريون، لغتهم الأولى والرسمية، اللغة العربية، وقد نص دستور الدولة على هذا الأساس المتين في مقدمة مواد بابه الأول (مقومات الدولة وأسس الحكم)، ويالها من ميزة فاضلة أن يختصنا الله بلغة عبقرية الجمال، ثرية التراكيب غنية الاشتقاق، بليغة المعاني، فصيحة الإعراب، وكفانا بها فخرا وتشريفا أنها لغة القرآن الكريم والحديث الشريف، والأمم القوية المهابة تصون لغتها وتسمو بها عن كل نقيصة ؛ لأن اللغة مقوم أساس في هوية الشعوب وثقافتها الأصيلة وشخصيتها المستقلة المتميزة، فما بالكم إن كانت هذه اللغة هي العربية ذات المكانة المرموقة المقدسة، والمنزلة العالية الرفيعة، أليس من الواجب المحتم والضرورة القصوى أن نحافظ على أصالة وسلامة هذه اللغة العظيمة ونعتز بالتحدث بها ؛ باعتبارها مصدرا من مصادر عزتنا وتفوقنا الحضاري؟، كما أنها عامل فاعل في ترسيخ الهوية الوطنية في نفوس الناشئة والشباب. فهل يليق بعد هذا كله أن نتنازل عن لغتنا أو نتخلى عنها ونفضل عليها غيرها، بحجج يلجأ إليها الفاشلون حضاريمايلي من سطور يسلط الضوء على مخاطر التحدث مع الوافدين الاجانب باللغة الانجليزية في الغالب، دون أن نؤدي دورنا المطلوب في إشعار أولئك بأهمية لغتنا واعتزازنا بها بطريقة عملية تدفعهم لتعلمها والتحدث بها معنا، وكيف نسارع إلى هجر لغتنا عندما نلتقي وافدا أجنبيا قبل أن نسأله أن كان يتحدث العربية او شيئا منها ؟!! ولكم أن تسترجعوا حالة واحدة في مشاهد ومسامع يومية لتدركوا كم نهين لغتنا وأنفسنا أمام غيرنا، ويظن الواهمون أن التحدث بلغة أجنبية (الانجليزية في الغالب) تطورا وسببا في إعجاب السامعين وتقديرهم. نعم نحن الذين ارتضينا بهذا الوضع المزري في المدارس والجامعات ومعاهد التعليم، رغم أننا قد نحتاج حصيلة من لغات أخرى نوظفها عند الضرورة، ولكن ليس إلى درجة التنازل عن لغتنا بمحض إرادتنا أمام من يفد إلينا وهو محتاج للعمل لدينا، وما لنا حين السفر إلى بلدان أجنبية نضطر للتحدث بغير العربية أو نلجأ إلى مترجم خاص، وعندما يفدون إلينا نتحدث إليهم بما يريدون ونخضع لشروطهم تلك، فيا له من وضع مرفوض ومثير للإنكار أن يقيم بيننا مقيم، أو يزورنا زائر، أو يفد سائح، يفترض أن يتعلم لغة أهل البلاد ويحترمها ويخاطبهم بها، فينقلب الوضع رأسا على عقب، وأن من علامات التخلف والدونية أن يستبدل العربي لغته ببعض الألفاظ الدخيلة، أو حتى يتحدث بلهجة عامية وأن اشتقت من الفصيح، فكيف بمن يهجر لغته كليا وهو ما يزال في بلاده، ولماذا تشيع اللغات الوافدة وتغيب لغتنا العربية في مرافقنا الحيوية (فنادق، مراكز تجارية، مطاعم، مكاتب السياحة والسفر، عيادات ومجمعات طبية وغيرها)؟ فلا تكاد تسمع أو تتحدث بلغتك العربية الأم!! السنا هنا في بلادنا وهم الذين قدموا إلينا ونحن أصحاب الأرض وهم من خارجها، فأي منطق ومبرر يفرضون به علينا لغتهم وثقافتهم ونتخلى نحن به عن لغتنا وثقافتنا وعناصر هويتنا من اجلهم؟ رغم أن دولتنا ـ ولله الحمد ـ سباقة في عقد الندوات والمؤتمرات العالمية في الحفاظ على عناصر الهوية والتراث والثقافة إضافة إلى أن حكومتنا الرشيدة تشدد على اعتماد اللغة العربية في المكاتبات الرسمية. لن أجاوز الواقع وأطلب من الوافدين أن يخاطبونا بمفردات لغتنا المحلية، ولكن اقترح على جهات الاختصاص تضمين عقود العمل بنودا تنص على تعلم اللغة العربية المبسطة المحكية وجعلها شرطا للاستقدام، إضافة إلى تعيين مواطنين أو مقيمين عرب إلى جانب غير الناطقين بالعربية في الأماكن والمرافق التي استشرى بها التحدث بالانجليزية في كل شيء وشأن، فماذا تفعل مواطنة عجوز او مواطن مسن يجهلان الانجليزية وهما يحتاجان خدمة يديرها ويشرف عليها غرباء أجانب، وكيف يتصرفان؟! ولماذا يطالب المواطن في بلاده من يوفر له شخصا يكلمه بلغته الأصلية؟ وإني أناشد قادة ورؤساء الدول العربية والخليجية، بحث هذا الملف المهم في اجتماعات الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي، لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة إزاء هذه القضية، حماية للغة العربية واعتزازا بها وترسيخا للهوية الوطنية والثوابت الشرعية والأخلاقية والحضارية، التي ننافس بها شعوب العالم المتقدم ونحرز بها قدم السبق ؛ لتأكيد أحقيتنا في ريادة وصدارة الأمم، وإن احترامنا والتزامنا بالتحدث باللغة العربية وإقناع الوافدين الأجانب باحترام هذه اللغة وتعلمها وتقديمها على غيرها أثناء التواصل اللغوي، من أهم العوامل الفعالة لإدراك تلك المزية الفريدة. وسوف تبقى قطر وأهلها عونا وسندا قويا، لكل ما من شأنه رفعة وتقدم أمتنا في الحاضر والمستقبل.