13 سبتمبر 2025
تسجيلإثر سحب سفراء الدول الخليجية الثلاث من قطر، ادعت بعض الصحف بأنها بسبب أمني خليجي، وهذا محض ادعاء باطل، اضيف عليه ان دولة قطر تسعى لبسط نفوذها على المنطقة العربية، التي كما يزعمون يسعى أميرها السابق لبسط نفوذه في امبراطورية قائمة على المذهب السنّي قامت بالإعداد لها من خلال "ضخ جزء من عائد ثروات الدولة النفطية الثرية في جيوب الحركات الاصولية والترويج عبر قناة الجزيرة لايديولوجية السلفيين ودعم الإخوان" التي سخرت لهم منابر الجزيرة و"الجمعة" التي تشكل خطبها في العرف الإسلامي موجها رئيسا في الدين والدنيا والحياة.جاء هذا التحليل وسط تخوفين: سعودي من الدور القطري السياسي والدبلوماسي الدولي المتصاعد والتحول الملحوظ في موازين القوى بين قطر الصغيرة "جغرافيا" والمملكة الكبيرة مساحة "جغرافيا"، والطاهرة المقدّسة تاريخيا اذا قرنا هذه الصفة بـ "مهبط الوحي ومحضن الحرمين الشريفين" بالتأكيد وليس بتاريخ "اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى".وتخوف آخر: إماراتي يزعم بأن دولة قطر تدعم الاخوان بهدف الإطاحة بالنظام الحاكم فيها دون أن يكون لمزاعمهم وجه حق سوى تنازلهم الغريب عن اراض اماراتية عربية لفرع آخر من الايديولوجيات "ايران" التي تحولت الى صداقات ولتعزيز مصالح عساكر وسط حيازة جديدة لمكتسبات سياسية واقتصادية استثمارية ظهرت ملفاتها واضحة.لست من اولئك الذين يحبون خلط اوراق الدين في السياسة وأعني بالسياسة الحزبية، تلك التي حفلت بها خطب السنوات الماضية من عمر الربيع العربي جاءت حتى قبل بعض خطب الشيخ القرضاوي فكان منها ما هو أشد وأدهى مثل هجوم الشيخ أحمد الكبيسي على الأمير الوالد وقطر واستمرار استضافته من قبل منابر وقنوات دولة الإمارات الشقيقة رغم مجاهرته بالعداوة لدولة قطر تعمدا منذ فترة سبقت حتى الربيع العربي، ورغم ذلك فانني مع من يقر بان الإسلام دين ودنيا وأؤمن بأهمية طرح قضايا الإسلام والمسلمين المصيرية ضد الانتهاكات الغاشمة في خطب الجمعة في كل بقاع الإسلام لتوعية المسلمين بقضايا أمتهم والأخطار المحدقة بهم واتخاذ موقف موحد أمام من يريد بهم وبمقدساتهم سوءا.كما انني في الوقت ذاته لست من أولئك الذين يقبلون ويقبل عقلهم بالاملاءات السياسية في تقييد خطباء المنابر والحرم تلك التي دأبت لأكثر من نصف قرن على غض الطرف عن اي حدث إسلامي جلل رغم كونها مناسبة جماهيرية بل وإعلامية أممية لوصول رسالة موحدة خصوصا وان كل قنوات العالم تبث مناسبة العيدين لارتباطهما الوثيق بـ "شهر الصوم" و" الحج الأكبر"، تلك التي كانت تُختَزل الخطبة فيها في فقه العبادات أو الفرائض وتكاد تركز على "عورة وجه المرأة وصوتها " فلم تنل منه قضايانا الدينية في القدس ولا في غيرها مما طالت عريضته سوى رفع اليدين في الدعاء الختامي لهم، وهو جهد كبير يشكر عليه أئمتنا الذين نكن لهم كل التقدير والتوقير، ولكن يتوجب علينا ايضا المزيد غيره.هذا حين تم تغيير دور المسجد الحقيقي في الإمارات الشقيقة الى تزكية المنهج الصوفي الجفري وتركه ليعيث في المسلّمات الدينية بدعا، وحولت مرقد قبر عَلَمٍ فاضل نحبه جميعا — طيب الله ثراه — الى مسجد فصيرته "مزارا"، وكلنا يعلم من نهج اهل السنة والجماعة أن هذا المنهج مرفوض في اي بلد اسلامي لأنه يشذ بالدين عن سنته ومنهجه القويم ويسلم الى مغبة الدخول في المحدثات والبدع.هذا وعلى الجانب الآخر: يطيب للبعض توسيع معجم مترادفات مصطلح "الإرهاب"، ذلك الذي رفضناه عندما اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية شماعة لمحاربة كل ما هو إسلامي ودمغ اي حادثة به حتى ابتلينا ليس فقط بمقولة " إن لم تكن معي فأنت ضدي" بل بدمغ كل حركة او تجمع او حزب اسلامي قام بفعل او برىء منه بـ"الإرهاب".لقد تم تمييع مصطلح "الإرهاب" واصبح رداءً يفصله كلّ على طرازه ومقاسه وكأننا نحارب طواحين الهواء، الأمر الذي أسلم التناول الإعلامي في الغرب وفي عدد من الدول العربية ايضا الى وصف حتى منهج "أهل السنة والجماعة " الذي هو نهج الرسول "صلى الله عليه وسلم" بـ "الطائفة السنية "! فهل يهدف التحزّب وبث الفرقة بيننا الى تمييع الإسلام من جذوره لتحويل هدي المصطفى الى "طائفة" شاع تمريرها إعلاميا حتى يسهل تطبيعها وجريها على الألسنة كما لاحظت ذلك من خلال خطأ البعض أو سهوهم في استخدامها في"تويتر".لست أدري من اي دين أتى أولئك الذين يحاربون منهج "السنة والجماعة "! لسنا هنا بالضرورة في دفاع عن اي حزب سياسي ديني، بل دعونا نحكّم العقلانية ونناقشه من زاوية الدين ذاته، فهل يشكل منهج السنة والجماعة اليوم تهديدا خطيرا لنَفَرٍ من المسلمين باتوا يتصدون له؟علّني فيما سبق اعطيت ملامح لما اريد توضيحه: — يزعم القوم ان نفوذ قطر بسطه الأمير الوالد بهدف سحق نفوذ الجوار.. ومهد له البساط باثنين: نفوذ الجزيرة ودعم الإخوان والسلفيين.وهنا اريد أن اذكّر اولئك المحللين المخضرمين الذين تغافلوا عن حقيقة عامة في نظريات السياسة والعلاقات الدولية تؤكد على دور الإعلام الفاعل في عملية التغيير الاجتماعي والسياسي ممّا ينطبق على الإعلام بشكل عام عربيا كان أو اجنبيا، وهذا ليس بوليد "الجزيرة" بل ميراث سابق تفشى من نفوذ تدفق أحادي غربي من قِبَل (سي ان ان) و(بي بي سي) وحرب الخليج خير شاهد، ومن ثم توارثه العرب من بعد ان كتب الله لهم الفتح العظيم بالتدفق الإعلامي المرتد وربما لم يكن ليظهر ويغّير الخريطة الإعلامية القطبية إلا بعد ان أحدثت الجزيرة ثورة غير مسبوقة، وعندها تنافس المتنافسون، فكان لكل قُطْرٍ قناته وأدواته ليس في دول الجوار فحسب بل وفي غيرها بلغاتنا، اوروبا، روسيا وامريكا التي توالدت الحرة فيها من "حرة امريكا" و"حرة عراق" وهلمّ جرا.... وجاءت العربيات والمشرقيات والسماويات الاخباريات، غير انها في الجزيرة بدت مختلفة لأنها لم تكن مشروعا شخصيا بل مشروعا نهضويا لأمة بأسرها، فيما أصاب بقية المشاريع الإعلامية العربية الاخبارية التوحد مع ذواتها لا جمهورها، وتوالدت ايضا حتى في تنافسها لتنجب ولكنها فرخّت منظومة فنية جديدة على الخليج العربي ورثتها من ثقافة الطرب وهزّ الوسط — الأعلى مشاهدة والأسرع ربحا —، فلا ضير اذاً على الجماهير النوعية اذا هجرت مضمار الخصور الى مضمار العقول، وهنا مكمن النفوذ. — كما أريد أن اذكّر اولئك الذين تغافلوا في ظل الطفرة "السيسيّة" عن تنازل الخليفة المنتظر — كما يزعمون — عن حكم دولة قطر لابنه ذي العمر الغض الطري هذا وهو ما زال ليس فقط في عنفوان عمر القوة في معايير الرجولة.... بل في أوج مجده وتمكنه وازدهار دولة قطر على يديه وامتلاكه وتمتعه بكل ادوات النفوذ.تُرى: هل عرف تاريخ المسلمين المجيد القديم والجديد حاكما يتنازل عن الحكم في أوج ربيع المبايعة الأممية إذا كان مخططا لها؟ وهل سيقود المسلمين قاطبة خليفة تنازل عن حكم بلده طوعا وبمحض إرادته؟ وهل سَعْيْ وريث عرش حكم دولة قطر لمواصلة السير على نهج "السنة والجماعة" والانتصار للشعوب ذنب تعاقب عليه قطر دبلوماسيا ويتم تحييدها؟"تــــــلكَ إذاً قســــــمةٌ ضــــِيـــــزَىْ "