14 سبتمبر 2025
تسجيلتفاءل التقرير الاقتصادي الفصلي الصادر عن الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي بارتفاع النمو في المنطقة إلى "3،6%" العام الحالي ، على الرغم من مخاوف بحدوث مزيد من التقلبات المالية والاقتصادية العالمية خلال الأعوام المقبلة ، إلا أنّ الانتعاش في مبيعات الطاقة والفوائض في الموازنات يجعل الأسواق الخليجية بمنأى عن الأزمات. ووصف النمو الخليجي بأنه تفاؤل حذر ، لذلك تشرع دول التعاون في فتح آفاق جديدة للاستثمارات المحلية والخارجية ، وخصوصاً في القطاع الإنشائي والعقاري والخدمي ، مع الرغبة القوية في زيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والطرق والنقل والاتصالات ، بما يحفز بيئة الأعمال للدخول في مجالات ذات عوائد مضمونة يقيها من التعثر. في الوقت ذاته تتفاقم الضغوط الدولية على اقتصاد اليورو لإيجاد حلول للخروج من هوة الانهيار ، وهناك سعيّ حثيث من الدول الأعضاء لتقديم الدعم المالي للدول المتضررة من الإفلاس لإنقاذها ، إلا أنّ الحلول تتطلب وقتاً طويلاً لمعالجة السلبيات مما لا يعطي المجال الكافي لإصلاح بقية القطاعات. في عجالة سريعة نسلط الضوء على التحليلات الصادرة الأسبوع الماضي حول التخبط في تطبيق إجراءات الإصلاح بمنطقة اليورو ، فقد أوضح تقرير بنك قطر الدولي أنّ اليورو تقف حائرة بين التقشف ومحاولات إعادة النمو عالمياً ، فيما وصف تقرير استثماري كويتي المحاولات بأنها جادة في ظل اقتصاد متخبط . ورأى أنّ التدابير الحكومية في فرنسا وأسبانيا وإيطاليا تسير على قدم وساق على الرغم من الصراع بينها والضغوط الشعبية ، ومحاولة ألمانيا البدء في إجراءات التقشف دون الإضرار بالاقتصاد الأوروبي ، وهناك تحسن ملموس في الاقتصاد البريطاني بنسبة "1،5%" . فيما تعرضت اليابان لانتقادات بسبب تعرض اقتصادها للركود طيلة السنوات العشر الماضية ، وفي الوقت الراهن يناقش مجلس الشيوخ الأمريكي إرجاء إفلاس الخزانة الأمريكية حتى نهاية الشهر الجاري في محاولة لإنقاذ الدولار . فإذا كانت هناك محاولات بسيطة لإرساء الاستقرار المالي إلا أنّ التحسن لا يذكر ولم يحقق الهدف منه وهو تهدئة المستثمرين في التعامل مع مخاوف السوق العالمية . وألمح تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة لعام 2013 أنّ عدم الاستقرار في الشرق الأوسط مرده إلى عجز الاقتصاد العربي عن النمو وسياسات التقشف الخاطئة وعدم قدرة الأجهزة الاقتصادية على النهوض والنمو. فيما قلل التقرير الاقتصادي لأمانة التعاون من مخاطر حدوث صدمة مالية في دول التعاون لأنّ البنوك الخليجية تتمتع بالسيولة الكافية ورأس المال المستقر ، وهذا يحفز نمو معدلات الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والصحة والتعليم التي تحظى بالنصيب الأوفر في الموازنات الخليجية ، إذ من المتوقع أن يسجل معدلاً مرتفعاً قدره "14%" ، وتوقع أيضاً نمو الفوائض بنسبة "16،5%" العام الحالي ، إلى جانب نمو مؤشرات القطاع الخاص والقطاعات غير النفطية التي باتت تلعب دوراً مهماً في الحراك التنموي . وتوقع أيضا أن يبلغ الناتج الإجمالي الخليجي "1،6"تريليون دولار في 2013 مقارنة بالعام الماضي في ظل وجود مخزون قوي من الاحتياطيات النفطية التي تقدر ب"40%" من الطاقة المكتشفة و"23%" من احتياطيات الغاز العالمية . ومن هنا نستنتج أنّ السيولة المالية في دول التعاون ستمكن اقتصاديات النفط من صياغة رؤية جديدة للاستثمارات المتنوعة ، وهذا سيجعلها بعيدة عن تباطؤ النمو العالمي أو الانكماش أو التضخم وبما يؤهلها لتحقيق استمرارية في الإنفاق . أضف إلى الأداء الجيد للبنوك الخليجية .. ففي الوقت الذي تعاني منه دول اليورو وأمريكا والصين من تذبذب في الأسعار والعملات إلا أنّ أرباح البنوك الخليجية ارتفعت بنسبة "10%" في 2012 حيث يسهم الاستقرار السياسي والاقتصادي في دفع النمو المالي إلى الأمام. وفي قراءة متأنية فإنّ الاستثمارات الضخمة التي أطلقتها دولة قطر في البنية التحتية والخدمات والإنشاءات تعتبر محفزاً رئيسياً للقطاعات الخليجية التي سيكون لها الأفضلية في دخول سوق المنافسة ، فمن المتوقع أن تستثمر قطر "115"مليار دولار في مشاريع البنية التحتية لتحديث منشآتها استعداداً لكأس العالم 2022 إضافة ً إلى مشروعات الطرق والسكك الحديدية والاتصالات والمطار والموانئ التي حظيت فيها الشركات الخليجية بمكانة مميزة عن مثيلاتها. وإزاء المخاوف الدولية التي ذكرتها فإنّ عجلة التنمية لا تتوقف على الرغم من مؤشرات التهاوي في الاقتصاد الأوروبي والتي يقابلها نمو وأداء جيد في المنطقة الخليجية .. ويبقى أنّ المشروعات الضخمة تأخذ وقتاً طويلاً لترى النور .. والمعول على رأس المال البشري في النهوض بالمرحلة القادمة.