14 سبتمبر 2025
تسجيلزيادة الخبز والجبن تدل على أننا بخير، فنستطيع أن نفطر ونتعشى بهما، وإذا لم نجد طعاما تغذينا بهما. شعوب كثيرة همها لقمة الخبز والبحث عنها وتكريس حياتها لها. ما اقصده هنا بالخبز هنا هو الرواتب والمعاشات، فقد زادت وتلك نعمه تستوجب الشكر. أما الجبن بضم الجيم فهو الخوف، وليس الطعام المعروف. الحقيقة توجد علاقة بين الاثنين فكلما زاد الخبز، زاد الجبن والعكس صحيح. الملاحظ أن الزيادة قد شدت بعض الناس إلى الأرض، وربطت ألسنتهم عن قول الحق، وانطبق عليهم القول "اطعم الفم تستحي العين" وبالنسبة لبعض الكتاب ينطبق عليهم القول"اطعم الفم ينكسر القلم". يرى هؤلاء مخالفات ومنكرات فيسكتون عنها. يقول الموظف في نفسه"اسكت واسع ورا رزق عيالك" ويقول المتقاعد أو المبند "قاعد في البيت ويوصلك راتبك وتتكلم؟ اسكت أحسن لك". إن هؤلاء رأوا زملاء لهم موظفين تم تجميدهم أو تم تحويلهم إلى البند المركزي لأنهم أصحاب فكر ولا يسكتون عما يرونه من قرارات وتصرفات فجة لا تخدم المصلحة العامة. توجد أمثلة مضيئة على الجرأة في الحق في مجال التربية من أمثال الزملاء إبراهيم الابراهيم وراشد الفضلي ويعقوب العبيدلي وفيصل المرزوقي وغيرهم لا يتسع المجال لذكرهم. لا شك أن الساكت عن المنكر والراضي به، مستفيد مؤقتا، ولكنه خاسر في المستقبل، لأنه: 1. مطرود من رحمة الله.. قال سبحانه وتعالى "لعن الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم. ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون"( المائدة:78). 2. سيتعرض لعقوبة في الدنيا: عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" رواه الترمذي. 3. سيطوله اثر المنكر بشكل مباشر أو غير مباشر فيصيب أهله وأولاده وأقاربه: في حديث السفينة عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة..." إلى آخر الحديث. في هذا الحديث من ينهى عن المنكر ينجو وينجو من معه ومن يسكت وهو راض، يهلك ويهلك من معه. من المنكرات ما نراه في التعليم من التركيز على الشكليات والمظاهر دون الجوهر وهو ما سمته الكاتبة منى العنبري"مافيا المدارس المستقلة" في مقالها بجريدة الشرق يوم الاثنين 12 مارس 2012 حيث روت أن احد الاستشاريين بالمجلس الأعلى للتعليم قد آلمه ما يجري في بعض المدارس من تزوير في نتائج امتحانات الطلاب، من اجل ترفيعهم من دون حق وذلك بسبب خوف صاحب الترخيص من سحب رخصته ومن ثم خسارة جزء كبير من الراتب. لقد ذكر لي أحد المدرسين حكاية مشابهة، أن صاحب الترخيص يضغط على المدرسين لكي يقللوا من عدد الرسوب، فينجو من سحب الترخيص ويحصل على تمويل أكبر. ان هذا تفريط في الأمانة وتغليب للمصلحة الشخصية على المصلحة العامة، والنتيجة معروفة مخرجات ضعيفة في دينها وعلمها ومهاراتها، وشعور المجتهد بالظلم حيث يتساوى مع الضعيف. من الظلم الضغط على المعلم والمعلمة وتكليفهما بأعمال فوق طاقتهما وليس من ضمن اختصاصهما، وكذلك جعل أيام التمدرس والدوام طويلة بلا مبرر، فقط إرضاء لهيئة التعليم، ولو أدى ذلك إلى مشاكل أسرية ضحيتها الأولاد. إنني أدعو كل غيور على مستقبل أولادنا ألا يسكت عن هذه المنكرات، ويحاول أن يغير قدر استطاعته، ولا يمنعه الخوف على الراتب من التغيير، فالرزق مكتوب منذ كنا في بطون أمهاتنا، وقد وعد الله من يتقيه أن يرزقه من حيث لا يحتسب.