13 سبتمبر 2025
تسجيلتكلم الكثيرون من قبلي عن محاسن التويتر التي لا يستطيع أحد أن ينكرها، حيث انه كان ولم يزل مساحة حرة لتبادل الآراء ووجهات النظر المختلفة ولطرح الأفكار المفيدة وأحياناً "الفضفضة" للترويح عن النفس. وكل ذلك لا ينفي أن لكل شيء في الحياة إيجابياته وسلبياته، ولربما أكثر ما بات يزعجني في عالم التويتر، المثالية الزائدة التي يمارسها البعض وهنا أكرر البعض وليس الكل، ولا أعني أبداً أن أدخل في نوايا الناس وأفسرها على هواي، بل أعني بالمثالية الكلام المنمّق والمثالي من بعض المغردين الذين نعلم بحقيقتهم على أرض الواقع، وبشخصياتهم البعيدة جداً عن تلك التي يظهرونها لمن لا يعرفهم في التويتر. ففي كل يوم أكاد أزداد يقيناً بأن شخصيات البعض في التويتر ماهي إلا أقنعة صُنعت من مثالية مُفرطة، تعكس كذبهم والكثير من شعورهم بالنقص، وذلك كله يتبين في الشعارات الجميلة التي يرفعونها، وكتاباتهم المثالية التي توحي وكأنهم ملائكة يمشون على الأرض، وهم في الواقع — ولمعرفتنا بهم — لا يعملون بربع ما يكتبون، فنزداد حيرة أي شخصية نصدق؟ شخصيتهم التي اختلقوها لأنفسهم في هذا العالم الافتراضي؟ أم شخصيتهم في الحياة العادية؟". وكل ذلك يجعلني أتساءل، لماذا هذه الأقنعة التي يرتديها البعض من خلف شاشاتهم، فيلعبون أدواراً لا تليق بهم، ويدّعون أموراً لا يفعلونها، ويخلقون لأنفسهم صفات هم في أشد البعد عنها؟ لماذا هذا القناع التويتري المزيّف الذي يرتدونه في التويتر؟ وبعد ذلك يخلعونه وربما يدعسونه بأرجلهم في عالمهم الحقيقي وفي حياتهم الطبيعية مع الناس؟ أغلب المغردين في التويتر تربطهم علاقات اجتماعية بمغردين آخرين على أرض الواقع، فهم في الحقيقة يعرفون إيجابيات وسلبيات بعضهم البعض، وليس هناك إنسان كامل؟ فالكمال لله وحده، لذلك مهما مثّل البعض المثالية والشهامة والكرم واللطف وتطبيق المبادئ وغيرها من الصفات الجميلة، فإن هذا الدور إن استطاعوا أن يخدعوا به البعض من الذين لا يعرفونهم، إلا أن هناك من يعرفهم حق المعرفة، ولن يستطيع تصديق تمثيلهم، فإن صفّق البعض اعجاباً بتغريدات هؤلاء، إلا أن من يعرف حقيقتهم لن يستطيع أن يكتم ضحكة ساخرة من خلف شاشة هاتفه. هذا بعض ما علمني إياه التويتر منذ دخولي في عالمه مما يقارب الثلاث سنوات، فليس كل ذي أسلوب منمّق ويتكلم عن المبادئ والقيم هو كما يكتب، فالكثيرون يحاولون إخفاء عيوبهم أو النقص الذي يعانون منه في أنفسهم بأسلوبهم اللافت والمميّز، وفي المقابل هناك مغردون هم حقاً أصحاب رسالة، تغريداتهم مفيدة وإن اقتربت من المثالية الا أنهم يعملون بها قبل أن يتفاخروا أمام غيرهم بما لم يفعلوه. وسيظل بعض المغردين بشرا مهما حاولوا اخفاء بشريتهم، وطلاءها بألوان الكمال والمثالية المُفرطة، ليت هؤلاء فقط يَفعلون ما يَقولون، ويُطبقون ما يكتبون، وليتهم يَعلَمون ويَعمَلون بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).