24 سبتمبر 2025

تسجيل

متى يجوز الرجوع في الهبة؟

20 فبراير 2023

تعتبر الهبة من العقود التي تخول للشخص حق التصرف في مال مملوك له وذلك بإرادته المنفردة، ودون ضرورة الحصول على مقابل لذلك. فالهبة عطية من الواهب للموهوب له يترتب عليها نقل ملكية الشيء الموهوب إلى الشخص الذي تمت الهبة لصالحه، وهي جائزة من الناحية القانونية والشرعية بشرط أن يكون محلها شيئا يجوز التعامل به ويحق للواهب نقل ملكيته للغير. لكن إذا كانت الهبة تفترض التزام الواهب بنقل ملكية الشيء الموهوب إلى الموهوب له دون أن تلزم هذا الأخير بشيء، فهل يحق له التراجع عنها طالما أنها عطاء بدون مقابل؟ الأصل أن عقد الهبة عطاء على وجه الدوام، ولا يجوز لمن وهب شيئا أن يتراجع عنه حفاظا على استقرار المعاملات ولعدم الإضرار بالموهوب له حسن النية، لكن هنالك استثناءات حددها المشرع على سبيل الحصر ضمن المادتين 505 و506 من القانون المدني، إذ بموجبهما يجوز أن يتم التراجع عن الهبة إذا كان الواهب أبا أو أما للموهوب له بشرط ألا يكون في التراجع عنها ضرر له أو الغير الذي تعامل معه في الشيء الموهوب، وأيضا بشرط ألا يكون الواهب أو الموهوب له مريضا مرضا يخشى منه الموت. كذلك يجوز التراجع عن الهبة إذا وافق الموهوب له على استعادة الواهب للشيء الذي أعطاه إياه، وأيضا يجوز الرجوع فيها بحكم قضائي إذا أقنع الواهب المحكمة بوجود مبرر مقبول لذلك. ومن الحالات التي تعد عذرا مقبولا للرجوع في الهبة هي تقصير الموهوب له نحو الواهب بما يجب عليه، كأن يهب رجل حديقة بثمارها وغلتها لرجل آخر، ثم يخل هذا الأخير في واجبها بالاعتناء بها والحفاظ عليها فتصبح أرضا خلاء، ففي هذه الحالة يعتبر الموهوب له مخلا، ويجوز للواهب الرجوع فيما أعطاه. كما يجوز التراجع عن الهبة، في الحالة التي يصبح معها الواهب غير قادر على تغطية مصاريف حياته اليومية حسب مستواه الاجتماعي، والنفقات المفروضة عليه بموجب القانون، كما يعتبر كذلك عذرا مقبولا للقضاء بالرجوع في الهبة أن يرزق الواهب بمولود بعد منح الشيء الموهوب، وعموما تعتبر الحالات التي يخول فيها القانون التراجع عن الهبة بترخيص من القضاء غير محصورة أو مقيدة في صور معينة، بل يرجع فيها الأمر إلى السلطة التقديرية للقاضي الذي بناء على المعطيات المعروضة عليه يمكن أن يفوض للواهب الرجوع في الهبة أم لا، بل حتى الحالات المذكورة في المادة 506 من القانون المدني يتوقف الترخيص بالتراجع في الهبة على قناعة المحكمة بالوقائع المنظورة أمامها. ومن الحالات التي يمنع بتاتا الرجوع في الهبة، حالة الهبة بدافع خيري، حالة الولد اليتيم الموهوب له من قبل والدته، حالة الزوج أو الزوجة الموهوب لأحدهما من الآخر حال قيام العلاقة الزوجية، حالة وفاة الواهب أو الموهوب له، وأيضا الحالة التي يتم التصرف في الشيء الموهوب، كأن يتم بيعه للغير، أو التعديل في حالته، أو هلاكه أو غيره من التغيرات التي تصيب الشيء الموهوب وتجعله مختلفا عن الحالة التي كان عليها عند هبته. ومن الحالات التي لا يجوز فيها نهائيا الرجوع في الهبة هي الحالة التي يقترن فيها العطاء بتكليف تم تنفيذه، ففي هذه الحالة إذا اشترط الواهب أن تتم الهبة بناء على قيام الموهوب له بعمل معين أو تصرف ما، وقام هذا الأخير بالمطلوب منه، أصبح محظورا على الواهب أن يتراجع عن عطيته.