10 ديسمبر 2025
تسجيلتحولت الأندية الرياضية إلى فئة من فئات الأصول الاستثمارية للصناديق السيادية وصناديق الاستثمار، بالإضافة إلى المكاتب الاستثمارية العائلية، مع وجود العديد من الأمثلة على ذلك في منطقة الخليج. كان يُنظر من قبل إلى امتلاك أحد أندية كرة القدم باعتباره هوايةً، حيث تُعدُ الأندية من الأصول النادرة والرائجة للغاية أو المشاريع المكلفة لغرض التباهي. وغالبًا ما كان مالكو هذه الأندية شغوفين برياضة كرة القدم، ولكن كان يُنظر إلى مثل هذه المشاريع على أنها أنشطة ترفيهية مكلفة بدرجة أكبر من كونها استثمارًا مربحًا. وقد تغير هذا الوضع خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ساهم ارتفاع ثروات البطولات الأكثر شهرة، وعولمة قواعد المشجعين وزيادة نطاق انتشار قنوات البث التلفزيوني لبطولات كرة القدم الكبرى، في تحول قرار الشراء المدروس لأحد الأندية وإدارتها إلى أمرٍ جذابٍ لصناديق الاستثمار والمكاتب الاستثمارية العائلية والصناديق السيادية. ورغم أن عائد الاستثمار قد يكون سلبيا على المدى القصير، يمتلك المالكون الأثرياء أهدافًا أوسع وطويلة الأجل تتمثل في بناء علامات تجارية شهيرة وشبكات واسعة وتأثير قوي. ويُشَكِل بيع المنتجات وبناء مجموعة من المحال التجارية جزءًا من تدفقات الإيرادات لأندية كرة القدم الكبرى. ويمكن أن تكون ملكية أو رعاية أحد الاستادات الشهيرة من الاستثمارات الجذابة كذلك. وقد أصبح المستثمرون القادمون من منطقة الخليج من أهم المستثمرين، لا سيَّما في أندية كرة القدم الأوروبية. ومن أهم مقومات الشراء تحديد نادٍ لا يحقق إنجازات ويتمتع بقاعدة جماهيرية كبيرة ومتحمسة في أحد الدوريات الغنية للاستحواذ على أسهمه. ويندرج نادي نيوكاسل يونايتد ضمن هذه الفئة، حيث استثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي مبلغ 305 ملايين جنيه إسترليني (375 مليون دولار) لشرائه في شهر أكتوبر 2021. وفي غضون عامٍ من انتقال ملكية النادي إلى الملاك الجديد، تحول النادي من منطقة الهبوط إلى المنافسة على مقعد للمشاركة في دوري أبطال أوروبا. وكانت أندية مانشستر سيتي وتشيلسي تعاني من ضعف الإنجازات قبل الاستحواذ عليهما من مستثمرين أثرياء والاستثمارات الضخمة التي ضخها المستثمرون في هذين الناديين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ليفوزا بعد ذلك بالعديد من الألقاب الكبرى. فقد فاز نادي مانشستر سيتي بأربعة ألقاب من أصل خمسة ألقاب في بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز خلال السنوات الخمس الأخيرة، رغم أن هذا النادي كان ينافس في دوري الدرجة الثالثة الإنجليزي خلال عام 1999، قبل تسع سنوات من اكتمال عملية استحواذ مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار عليه. وقد شارك المستثمرون القطريون بشكل كبير في تملك الأندية الرياضية، وخصوصًا نادي باريس سان جيرمان، الذي اشترته شركة قطر للاستثمارات الرياضية في عام 2011. ورغم أن الدوري الإنجليزي الممتاز هو الدوري الأغنى في أوروبا، إلا أن نادي باريس سان جيرمان لديه ثلاثة من أبرز اللاعبين في العالم وهم ليونيل ميسي، وكيليان مبابي، والنجم البرازيلي نيمار. وقد قُدرت قيمة هذا النادي بحوالي 4 مليارات يورو في نهاية عام 2022، مقارنةً بسعر شرائه الذي بلغ حوالي 70 مليون يورو قبل 11 عامًا. وخلال تلك الفترة، استثمر ملاك النادي مبالغ كبيرة فيه، بما في ذلك مبلغ 1.3 مليار يورو أُنفقت على انتقالات اللاعبين. وفي أواخر عام 2022 أيضًا، أشارت شركة قطر للاستثمارات الرياضية إلى اهتمامها ببيع حصص أقلية في نادي باريس سان جيرمان للمساعدة في تحقيق إيرادات لتسهيل عملية انتقالات اللاعبين واتباع طرق أخرى لتطوير النادي. وقد أصبحت هذه الممارسة شائعة بشكل متزايد في العديد من الأندية باعتبارها وسيلةً منخفضة المخاطر لضخ رأس المال وإعادة بناء النادي دون فقدان السيطرة على ملكيته. وقد أصبحت ملكية العديد من الأندية ظاهرة شائعة في جميع أنحاء أوروبا. ورغم ذلك، تحظر قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن يكون للمالك حصة ملكية مسيطرة في أكثر من نادٍ ينافس في المسابقات الأوروبية. وفي بداية شهر فبراير، تزايدت التكهنات بشأن تقديم عرض قطري مرتقب لشراء نادي مانشستر يونايتد. ومن الوارد أن يكون المالكون الأمريكيون للنادي، وهم عائلة غليزر، مهتمين بالبيع. وأشارت تقارير صحفية إلى أن المشتري سيكون جهاز الاستثمار القطري، بينما كانت شركة قطر للاستثمارات الرياضية (التي لها هيكل ملكية مختلف) هي من اشترت نادي باريس سان جيرمان، ولكن تم تقديم عرض الشراء يوم الجمعة من قبل سعادة الشيخ جاسم بن حمد بن جاسم ال ثاني، العرض سيكون بلا ديون عبر مؤسسة الشيخ جاسم المسماة 92 ، ولذلك لن يكون هناك أي تعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وهناك عرضان منافسان، حيث قام الملياردير البريطاني جيم راتكليف وقطب النفط بتقديم عرض منافس، وأيضا صندوق التحوط الأمريكي اليوت للإدارة قدم عرضا منافسا على الرغم من أنه يُحتمل أن يكون لتمويل العطاء وتملك حصة صغيرة، بدلاً من الاستحواذ بالكامل، اليوت كان يملك في السابق نادي أي سي ميلان ويدير أصولا تزيد عن 55 مليار دولار. ومع هذه العروض قد يرتفع سعر الشراء الى فوق 5 مليارات جنيه إسترليني. وتبلغ قيمة النادي حسب تقييم بورصة لندن للأوراق المالية 4.34 مليار دولار. ستحرز عائلة غليزر الأمريكية عائدا ضخما من هذه الصفقة مقارنة بالمبلغ الذي تم استثماره من قبلهم في النادي. وقد نرى المزيد من العطاءات خلال الأسابيع القادمة. وهناك تحركات من أجل تنظيم عمل أندية كرة القدم بشكل أكبر. وقد نمت ثروة كبار الأندية في الدوري الإنجليزي لكرة القدم بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مقارنةً بكل من الأقسام الأدنى والبطولات الأخرى في أوروبا، وهناك مخاوف متعلقة بعدالة المنافسة والشفافية في الشؤون المالية. وقد دأبت حكومة المملكة المتحدة على إعداد مقترحات لتنظيم عمل أندية كرة القدم الإنجليزية بشكلٍ مستقل. وفي غضون ذلك، وجهت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز اتهامات لمانشستر سيتي بشأن 100 انتهاك مزعوم لقواعده المالية، وهي اتهامات يعارضها النادي بشدة. ويمثل الاستثمار العالمي في الرياضة أولوية بالنسبة لقطر لتحقيق عوائد مالية ولتشجيع المشاركة الرياضية في أعقاب الاستضافة الناجحة لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، ولتعزيز القوة الناعمة للدولة في جميع أنحاء العالم. وقد انتقل القطاع الرياضي، مثله في ذلك مثل قطاع العقارات، من كونه نشاطا محليا صرفا إلى استثمار عالمي حقًا خلال العقدين الماضيَّين. وتبدو مستويات الاستثمار المطلوبة كبيرة ولكن العائدات المحتملة ضخمة أيضًا إذا ما اختار المستثمرون الأصول التي يستثمرون فيها بعناية وحرصوا على تعزيز استثماراتهم ورعايتها بدقة، حيث لم تعد ملكية الأندية مجرد هواية يمارسها محبو الرياضة للمتعة والترفيه.