18 سبتمبر 2025
تسجيل"الطرثوث"نبات صحراوي طفيلي يعتاش على جذور بعض النباتات الأخرى ليس له أوراق. ثقافياً "الطرثوثية"حالة تنشأ حين تبدأ المؤسسة أو السلطة في صناعة المثقف من الألف إلى الياء، تنتشله من القاع ؛ قد يكون بلا مأوى فتوفر المأوى له، بلا هوية فتعطيه هوية، بلا اسم فتخلع عليه اسماً، بلا وجود اجتماعي فتلبسه بشتاً اجتماعياً يطوف به أنحاء المجتمع. هذا اليتم يتحول إلى ثقافة ملتصقة بالمؤسسة سواء كانت عسكرية أم سياسية أم اجتماعية، ثقافة اليُتم هذه تجعل منه مثقفاً حاداً ومطيعاً، يحفظ دوره كما يحفظ النشء القرآن الكريم، يؤدي واجبه كما يؤدي المؤمن صلاته، مخلص للمؤسسة بكل عماء كما يخلص المرء لوالديه، يدير المنصب بعسكرية فذة، لا يستطيع أن يقول لا، أو أن يقول رأياً لأنه لا يمتلك رأياً من الأساس، لايدرك ما يعتمل في المجتمع بقدر ما يدرك الأوامر التي تأتيه؛ عقليته عسكرية يدين لمن أنقذه من حالة اليتم الاجتماعي فقط. هو عجينة صنعتها المؤسسة أو النظام ؛ عسكرياً كان أم مدنياً، هو ليس زئبقياً لأنه لا يمتلك سوى شكل واحد، لا يستطيع أن يتغير. هل تذكرون صحيفة "البرافدا" السوفياتية، هي مثال واضح على المثقف الذي تخرِّجه المؤسسة من حال إلى حال، فيعتقد أنه يمثل الحقيقة في المجتمع ومع الوقت ربما يعتقد أنه الحقيقة ذاتها؛ هو نتوء للمؤسسة والنظام لا أكثر تجد ثقافته ببغاوية بشكل واضح يردد بدون أن يدرك ما يقوله. هذا المثقف بالضبط مثل قطعة السلاح التي إذا ما قدم بها العهد استبدلت أو رميت في المخازن، أخطر ما تقوم به المؤسسة أو السلطة أن تخلق مثقفاً من هذه الحالة "الطرثوثية" فتستغل حاجته الماسة للاعتراف المجتمعي ليصبح أداة أو مايكروفوناً لها. ما أكثر ما عانت مجتمعاتنا من المثقف الطرثوث الذي يجري وراء الجزرة محاولاً الإمساك بها ولن يتمكن من ذلك، لأنه كوجود لابد له من علاقة يكون فيها تابعاً ومأموراً، مقلداً لا يتأبطُ رأياً ولا يحمل فكراً. [email protected]