01 أكتوبر 2025

تسجيل

التربية والتعليم

20 فبراير 2013

كثر الحديث عن غياب التربية في المدارس هذه الأيام بعد ان شطبت هذه الكلمة من تسمية الوزارة ذاتها وأصبحت مقتصرة على التعليم فقط وقد كانت كلمة التربية تسبق كلمة التعليم وغابت هيبة تلك الكلمة بعد أن كان طلبة المدارس ايامها يعرفون قيمتها وثقلها ويحسبون لها ألف حساب سواء في مدارسهم او في خارجها واقصد بذلك زمن التربية التي رافقت التعليم منذ بداياته واعطت للمعلم المربي هيبته التي لازمت تلك الاجيال وقد جبلوا على حب العلم من واقع التربية الحسنة التي كانت تسعد الاباء "جزاهم الله خيرا" اذا قصر الواحد منهم في واجبه او قل ادبه ونذكر تماما تلك الكلمة المشهورة التي يلقنوها للمعلم في اول خطوة يخطوها الابناء نحو المدرسة وهي الجملة السحرية "لك اللحم ولنا العظم". في الادب العربي تشير كتب التاريخ عن وصايا العرب للمعلمين في تربية اولادهم واقتطف باقة من تلك الوصايا علها تعيد لذاكرتنا اهمية المعلم في تربية النشء ومنها وصايا الخليفة عبدالملك بن مروان لمعلم ولده "علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن وجنبهم السفلة فهم اسوأ الناس ورعا واقلهم ادبا وجنبهم الخدم فانهم لهم مفسدة واحف شعورهم تقوى رقابهم... الخ" وايضا ما جاء في وصايا الحجاج بن يوسف الثقفي لمعلم بنيه "علمهم السباحة قبل الكتابة فانهم يجدون من يكتب عنهم ولا يجدون من يسبح عنهم" وفي وصايا الخليفة هارون الرشيد لمعلم اولاده "لا تخرجهم من علم الى علم حتى يحكموه فان اصطكاك العلم في السمع وازدحامه مضلة للفهم".. وأخيرا نورد وصية عقبة بن ابي سفيان لعبدالصمد مؤدب ولده "ليكن اصلاح بني اصلاحا لنفسك فان عيوبهم معقودة بعيبك فالحسن عندهم ما استحسنت والقبح ما استقبحت وعلمهم سير الحكماء واخلاق الادباء وهددهم بي وادبهم دوني وكن لهم كالطبيب الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء ولا تتكلف على عذر مني فاني قد اتكلت على كفاية منك". من يتمعن في هذه الوصايا يدرك تماما الدروس المستقاه منها في تكريس التربية في النشء فكل من هؤلاء العظام الذين خلدهم التاريخ له فلسفته في تعليم اولاده وجلها لا تخرج عن مسار التربية وهذا ما يهمنا التوعية اليه والدعوة لاعادة النظر في وضعية التعليم لدينا بعد تجربة سنوات دفعت اولياء الامور للمطالبة باعادة منهج التربية الى المدارس بسبب النقص الذي احدثه غيابها في التعليم بالتركيز على حشو اذهان الاجيال بالمعلومات المستوردة ايا كان مصدرها أو النبع الذي تستسقى منه هذه المناهج الحديثة. دعوة صادقة لاعادة مناهج التربية فلربما تكون مجدية وتحسب لانجازات فطاحل التعليم لدينا بعد ان جربوا في ابنائنا تعليم بلا تربية.. دعونا نجرب "فان لم تنفع التربية مع التعليم فالمؤكد انها لن تضر به". وسلامتكم