14 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس توجهت إلى معرض الكتاب الدولي والمقام في قاعة المعارض الكبرى في الدوحة والذي تم افتتاحه في الثالث عشر من الشهر الجاري وسوف يستمر بمشيئة الله حتى الثاني والعشرين من الشهر نفسه بناء على دعوة تلقيتها من المنظمين على هذه الفعالية الأدبية والثقافية الغنية التي أحرص على حضورها بشكل سنوي وأعني في السنوات التي سبقت تفشي فيروس كورونا في قطر والعالم بأسره وكم كان مريحا لي التجول بسهولة دون أن يعترضني بغتة من يبيع عطرا ويريد مني أن اشمه عنوة قبل أن أقع في الفخ فأشتري ما يعجبني وما لا أريده ولكن خجلا من البائع أجد نقودي تُستنزف على غير رغبة مني للأسف أو تجرني إحداهن لشراء جلابية مغربية مزركشة ومطرزة بخيوط ذهبية لامعة فأهز لها إيماءً بالرفض أو أن يغريني بائع السجاد بعرض زخارف سجادة إيرانية قد حيكت يدويا بخيوط من الحرير الأصفهاني المعروف أو يقرقع بائع آسيوي بما لديه من أوانٍ وتحف للزينة أو أن يباغتني أحد الذين يطلق عليهم (الحمالين) فيشير لي لما بيدي ويسألني بعفوية وتمسكن: (تبي حمّال ماما)؟! ويمد يديه حيث مددت يدي ليأخذ ما أحمله إما تخفيفا لي أو رغبة في التخفيف عليه بما يمكنني إعطاءه لاحقا من أجرة محددة له في الساعة ولذا كان التجول يسيرا إلا من بعض الذين كانوا يدعونني للاطلاع على منشورات دار النشر الخاصة بهم متناسين بأن الثقافة والعلم والقراءة والكتب لا تحتاج لمن يدلل عليها أو يروج لها أو يعلو صوته بعناوينها وكأنها بهارات أو سجاد أو أوان أو شيء يستخدمه الإنسان خدمة له أو تجميلا لمكانه ومسكنه فالكتاب هو من يعلن عن نفسه وله رائحة غريبة تغري القارئ له وإن كان الكتاب يُعرف من عنوانه فإن معرض الكتاب يعلن عن نفسه دون الحاجة لمن يبادرك وأنت لا تزال في أول الممر الموصول لجناحه (تفضلي عندنا يا شيخة) فهل تبيع كتبا أو كيكا يا هذا لأجربه؟! فأنا قد حضرت وقد جمعت معلومات عن دور النشر التي أرغب في زيارتها وحددت كتبا أريد شراءها لأنني شخصيا أحببت أن أعود إلى طقوس خاصة بي كنت أزاولها دائما وهي تصفح وقراءة بعض الأوراق من أي كتاب أفضله قبل النوم والذي عادة ما يكون إما متعلقا بعلم النفس المحاكي لنفسية وتقلبات الإنسان الداخلية وعادة لا أتعمق في مثل هذه الكتب لئلا أصاب بتعقيدات في تفسير بعض المنحنيات السيكولوجية الصعبة وإما - وهذا الأغلب - هو اختياري لروايات تغلبها اللغة المثقفة لمؤلفها مثل إحسان عبدالقدوس أو يوسف السباعي أو من مؤلفات مصطفى محمود المفكر المعروف وعليه فإنني لا أحتاج مثل غيري لمن يدعوني لزيارة دار نشره والاطلاع على ما يملك لأن الموضوع كما أسلفت أعلاه ليس عرض كيس بطاط أو صُرة بقدونس يانعة لأن معارض الكتاب لها قيمتها التي تختلف عن مسميات أي معارض أخرى تُنظم تحت مسمى (معرض) لهذا فقد تعمدت ألا أستجيب لدعوات أي أحد إلا إذا رأيت نفسي منجذبة لعنوان كتاب فرض سحره على عيني قبل أن يقع تأثيره في نفسي وأنا آخذه وأتصفحه على عجالة قبل أن أقرر شراءه من عدمه لأنني ضد المقولة أو المثل العامي الذي يقول إن الكتاب يظهر من عنوانه فكم من كتب كانت تحمل عناوين براقة لامعة بينما كان مضمونها لا يرقى بالعنوان أبدا فخالف المظهر الجوهر وهذا أمر بات محتوما عند تجار الكتب وليس صُنّاع المؤلفات الثرية والغنية الذي يجعلهم يختارون الجلوس براحة وسكينة فيأتي المُطّلع النهم للقراءة ليستحوذ على تلك المؤلفات بهدوء لا يزعج تلك الثقة التي يشعرون بها لحظة انتهاء عملية الشراء والبيع التي تكون سريعة لا تخلص إلى مجادلات في تخفيض السعر أو مقارنته بسعر تاجر آخر فالأمر كله كما ذكرت ليس كيس بطاط أو صُرّة بقدونس يانعة!. [email protected] ebtesam777@